فصل
قال : الدرجة الثالثة : . ليتخلص من محن القصود ، وتكاليف الحمايات ، والتعريج على مدارج الوسائل . معاينة أزلية الحق
[ ص: 145 ] قوله : معاينة أزلية الحق ؛ أي متى شهد قلبه تفرد الرب سبحانه وتعالى بالأزلية ، غاب بها عن الطلب ، لتيقنه فراغ الرب تعالى من المقادير ، وسبق الأزل بها ، وثبوت حكمها هناك . فيتخلص من المحن التي تعرض له دون المقصود . ويتخلص أيضا من تعريجه والتفاته ، وحبس مطيته على طرق الأسباب التي يتوسل بها إلى المطالب .
وهذا ليس على إطلاقه . فإن مدارج الوسائل قسمان : وسائل موصلة إلى عين الرضا . فالتعريج على مدارجها - معرفة وعملا وحالا وإيثارا - هو محض العبودية . ولكن لا يجعل تعريجه كله على مدارجها . بحيث ينسى بها الغاية التي هي وسائل إليها .
وأما تخلصه من تكاليف الحمايات فهو تخلصه من طلب ما حماه الله تعالى عنه قدرا . فلا يتكلف طلبه وقد حمي عنه .
ووجه آخر : وهو أن يتخلص بمشاهدة سبق الأزلية من تكاليف احترازاته ، وشدة احتمائه من المكاره ، لعلمه بسبق الأزل بما كتب له منها . فلا فائدة في تكلف الاحتماء . نعم ، يحتمي مما نهي عنه ، وما لا ينفعه في طريقه . ولا يعينه على الوصول .