فصل
[ ص: 144 ] قال : الدرجة الثانية : . وهو أمن العبد من فوت المقدور . وانتقاض المسطور . فيظفر بروح الرضا ، وإلا فبعين اليقين . وإلا فبلطف الصبر . درجة الأمن
يقول : من حصل له الإياس المذكور حصل له الأمن . وذلك : أن من تحقق بمعرفة الله ، وأن ما قضاه الله فلا مرد له البتة : أمن من فوت نصيبه الذي قسمه الله له . وأمن أيضا من نقصان ما كتبه الله له ، وسطره في الكتاب المسطور . فيظفر بروح الرضا ، أي براحته ولذته ونعيمه ؛ لأن صاحب الرضا في راحة ولذة وسرور . كما في حديث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عبد الله بن مسعود إن الله - بعدله وقسطه - جعل الروح والفرح في اليقين والرضا . وجعل الهم والحزن في الشك والسخط .
فإن لم يقدر العبد على روح الرضا ظفر بعين اليقين ؛ وهو قوة الإيمان ، ومباشرته للقلب . بحيث لا يبقى بينه وبين العيان إلا كشف الحجاب المانع من مكافحة البصر .
فإن لم يحصل له هذا المقام حصل على لطف الصبر وما فيه من حسن العاقبة . كما في الأثر المعروف : إن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل . فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره النفس خيرا كثيرا .