فصل  
حكم المسألة   
والمسألة في الأصل حرام . وإنما أبيحت للحاجة والضرورة . لأنها ظلم في حق الربوبية . وظلم في حق المسئول . وظلم في حق السائل .  
أما الأول : فلأنه بذل سؤاله وفقره وذله واستعطاءه لغير الله . وذلك نوع عبودية . فوضع المسألة في غير موضعها . وأنزلها بغير أهلها . وظلم توحيده وإخلاصه . وفقره إلى الله ، وتوكله عليه ورضاه بقسمه . واستغنى بسؤال الناس عن مسألة رب الناس . وذلك كله يهضم من حق التوحيد ، ويطفئ نوره ويضعف قوته .  
وأما ظلمه للمسئول : فلأنه سأله ما ليس عنده . فأوجب له بسؤاله عليه حقا لم يكن له عليه . وعرضه لمشقة البذل ، أو لوم المنع . فإن أعطاه ، أعطاه على كراهة . وإن منعه . منعه على استحياء وإغماض . هذا إذا سأله ما ليس عليه . وأما إذا سأله حقا هو له عنده : فلم يدخل في ذلك . ولم يظلمه بسؤاله .  
وأما ظلمه لنفسه : فإنه أراق ماء وجهه . وذل لغير خالقه . وأنزل نفسه أدنى المنزلتين . ورضي لها بأبخس الحالتين . ورضي بإسقاط شرف نفسه ، وعزة تعففه ، وراحة      [ ص: 223 ] قناعته . وباع صبره ورضاه وتوكله ، وقناعته بما قسم له ، واستغناءه عن الناس بسؤالهم . وهذا عين ظلمه لنفسه . إذ وضعها في غير موضعها . وأخمل شرفها . ووضع قدرها . وأذهب عزها . وصغرها وحقرها . ورضي أن تكون نفسه تحت نفس المسئول . ويده تحت يده . ولولا الضرورة لم يبح ذلك في الشرع .  
وقد ثبت في الصحيحين من حديث  عبد الله بن عمر  رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم     .  
وفي صحيح  مسلم  عن   أبي هريرة  رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  من سأل الناس أموالهم تكثرا ،   فإنما يسأل جمرا . فليستقل أو ليستكثر     .  
وفي الصحيحين عن   أبي هريرة  رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  والذي نفسي بيده ، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره ، فيتصدق به على الناس ، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله ، أعطاه أو منعه     .  
وفي صحيح  مسلم  عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لأن يغدو أحدكم ، فيحتطب على ظهره . فيتصدق به ، ويستغني به عن الناس : خير له من أن يسأل رجلا ، أعطاه أو منعه . ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى . وابدأ بمن تعول     . زاد   الإمام أحمد  ولأن يأخذ ترابا فيجعله في فيه : خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه     .  
وفي صحيح   البخاري  عن   الزبير بن العوام  رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  لأن يأخذ أحدكم حبله . فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره ، فيبيعها . فيكف الله بها وجهه : خير له من أن يسأل الناس ، أعطوه أو منعوه     .  
وفي الصحيحين عن   أبي سعيد الخدري  رضي الله عنه  أن ناسا من  الأنصار   سألوا      [ ص: 224 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم . حتى نفد ما عنده . فقال لهم - حين أنفق كل شيء بيده - : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم . ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله . ومن يتصبر يصبره الله . وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر     .  
وعن  عبد الله بن عمر  رضي الله عنهما  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : - وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف والمسألة -  اليد العليا خير من اليد السفلى      . فاليد العليا : هي المنفقة . واليد السفلى : هي السائلة     . رواه   البخاري  و  مسلم     .  
وعن   حكيم بن حزام  رضي الله عنه قال :  سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني . ثم سألته فأعطاني . ثم قال : يا  حكيم  ، إن هذا المال خضرة حلوة . فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه . ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه . وكان كالذي يأكل ولا يشبع . واليد العليا خير من اليد السفلى . قال  حكيم     : فقلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا . وكان  أبو بكر  رضي الله عنه يدعو  حكيما  إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه . ثم إن  عمر  رضي الله عنه دعاه ليعطيه . فأبى أن يقبل منه شيئا . فقال  عمر     : إني أشهدكم يا معشر المسلمين على  حكيم     : أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء ، فيأبى أن يأخذه . فلم يرزأ  حكيم  رضي الله عنه أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي     . متفق على صحته .  
وروي عن   الشعبي  قال : حدثني كاتب   المغيرة بن شعبة     : قال :  كتب  معاوية  إلى   المغيرة بن شعبة     : أن اكتب إلي شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكتب إليه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله كره لكم ثلاثا . قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال     . رواه   البخاري  و  مسلم     .  
وعن  معاوية  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لا تلحفوا في المسألة . فوالله      [ ص: 225 ] لا يسألني أحد منكم شيئا ، فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره . فيبارك له فيما أعطيته .     .  
وفي لفظ  إنما أنا خازن . فمن أعطيته عن طيب نفس فيبارك له فيه ، ومن أعطيته عن مسألة وشره كان كالذي يأكل ولا يشبع     . رواه  مسلم     .  
وعن   أبي مسلم الخولاني  رضي الله عنه قال : حدثني الحبيب الأمين - أما هو : فحبيب إلي . وأما هو عندي : فأمين .   عوف بن مالك الأشجعي     - رضي الله عنه قال :  كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة - أو ثمانية ، أو سبعة - فقال : ألا تبايعون رسول الله ؟ - وكنا حديثي عهد ببيعته - فقلنا : قد بايعناك يا رسول الله . ثم قال : ألا تبايعون رسول الله ؟ فقلنا : قد بايعناك يا رسول الله . ثم قال : ألا تبايعون رسول الله ؟ قال : فبسطنا أيدينا . وقلنا : قد بايعناك يا رسول الله . فعلام نبايعك ؟ قال : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا . والصلوات الخمس . وتطيعوا الله - وأسر كلمة خفية - ولا تسألوا الناس شيئا . فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه     . رواه  مسلم     .  
وعن   سمرة بن جندب  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه ، إلا أن يسأل الرجل سلطانا ، أو في أمر لا بد منه     . رواه  الترمذي     . وقال : حديث حسن صحيح .  
وفي مسند الإمام  أحمد  عن  زيد بن عقبة الفزاري  ، قال : دخلت على   الحجاج بن يوسف الثقفي     . فقلت : أصلح الله الأمير ، ألا أحدثك حديثا سمعته من   سمرة بن جندب  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى ، قال : سمعته يقول :  المسائل كد يكد بها الرجل وجهه . فمن شاء أبقى على وجهه . ومن شاء ترك ، إلا أن يسأل رجل ذا سلطان ، أو يسأل في أمر لا بد منه     .  
وعن   ثوبان  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  من يتقبل لي بواحدة وأتقبل      [ ص: 226 ] له بالجنة ؟ قلت : أنا . قال : لا تسأل الناس شيئا . فكان ثوبان يقع سوطه ، وهو راكب . فلا يقول لأحد : ناولنيه ، حتى ينزل هو فيتناوله     . رواه   الإمام أحمد  وأهل السنن .  
وعن   عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  من أصابته فاقة . فأنزلها بالناس : لم تسد فاقته . ومن أنزلها بالله : أوشك الله له بالغنى : إما بموت عاجل ، أو غنى عاجل     . رواه  أبو داود الترمذي     . وقال : حديث حسن صحيح .  
وعن  سهل بن الحنظلية  قال :  قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم  عيينة بن حصن  ،  والأقرع بن حابس     . فسألاه . فأمر لهما بما سألاه . وأمر  معاوية  فكتب لهما بما سألا . فأما  الأقرع     : فأخذ كتابه فلفه في عمامته وانطلق . وأما  عيينة     : فأخذ كتابه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتابه . فقال : يا  محمد ،   أراني حاملا إلى قومي كتابا لا أدري ما فيه ، كصحيفة المتلمس ، فأخبر  معاوية  بقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار - وفي لفظ : من جمر جهنم - قالوا : يا رسول الله ، وما يغنيه ؟ - وفي لفظ : وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة ؟ - قال : قدر ما يغديه وما يعشيه     . وفي لفظ :  أن يكون له شبع يوم وليلة  رواه  أبو داود  و   الإمام أحمد     .  
وعن  ابن الفراسي  أن  الفراسي  قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :  أسأل يا رسول الله ؟ قال : لا ، وإن كنت سائلا لا بد فسل الصالحين     . رواه   النسائي     .  
وعن  قبيصة بن مخارق الهلالي  ، قال :  تحملت حمالة . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله : فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة . فآمر لك بها . ثم قال : يا  قبيصة  ،  إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة      : رجل تحمل حمالة . فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك . ورجل أصابته      [ ص: 227 ] جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال : سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة ، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة . فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال : سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا  قبيصة  سحت يأكلها صاحبها سحتا     . رواه  مسلم     .  
وعن  عائذ بن عمرو  رضي الله عنه  أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم : فسأله . فأعطاه . فلما وضع رجله على أسكفة الباب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا     . رواه   النسائي     .  
وعن  مالك بن نضلة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  الأيدي ثلاثة . فيد الله : العليا ، ويد المعطي : التي تليها ، ويد السائل : السفلى . فأعط الفضل . ولا تعجز عن نفسك     . رواه   الإمام أحمد  و  أبو داود     .  
وعن   ثوبان  رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال :  من سأل مسألة - وهو عنها غني - كانت شينا في وجهه يوم القيامة  رواه   الإمام أحمد     .  
وعن   عبد الرحمن بن عوف  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال :  ثلاث ، والذي نفس  محمد   بيده ، إن كنت لحالفا عليهن : لا ينقص مال من صدقة ، فتصدقوا . ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا رفعه الله بها . ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر     . رواه   الإمام أحمد     .  
 [ ص: 228 ] وعن   أبي سعيد الخدري  رضي الله عنه ، قال :  سرحتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله . فأتيته فقعدت . قال : فاستقبلني ، فقال : من استغنى أغناه الله ، ومن استعف أعفه الله ، ومن استكفى كفاه الله ، ومن سأل وله قيمة أوقية ، فقد ألحف . فقلت : ناقتي هي خير من أوقية . ولم أسأله     . رواه   الإمام أحمد  و  أبو داود     .  
وعن  خالد بن عدي الجهني  رضي الله عنه : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  من جاءه من أخيه معروف ، من غير إشراف ولا مسألة . فليقبله ولا يرده . فإنما هو رزق ساقه الله إليه     . رواه   الإمام أحمد     .  
فهذا أحد المعنيين في قوله : إن من شرط الرضا :  ترك الإلحاح في المسألة   وهو أليق المعنيين وأولاهما . لأنه قرنه بترك الخصومة مع الخلق . فلا يخاصمهم في حقه . ولا يطلب منهم حقوقه .  
والمعنى الثاني : أنه  لا يلح في الدعاء      . ولا يبالغ فيه . فإن ذلك يقدح في رضاه . وهذا يصح في وجه دون وجه ؛ فيصح إذا كان الداعي يلح في الدعاء بأغراضه وحظوظه العاجلة . وأما إذا ألح على الله في سؤاله بما فيه رضاه والقرب منه : فإن ذلك لا يقدح في مقام الرضا أصلا . وفي الأثر :  إن الله يحب الملحين في الدعاء     .  وقال   أبو بكر الصديق  رضي الله عنه - يوم  بدر      - للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، قد ألححت على ربك . كفاك بعض منادتك لربك  فهذا الإلحاح عين العبودية .  
وفي سنن   ابن ماجه  من حديث  أبي صالح  عن   أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  من لم يسأل الله يغضب عليه     .  
فإذا كان سؤاله يرضيه لم يكن الإلحاح فيه منافيا لرضاه .  
 [ ص: 229 ] وحقيقة الرضا      : موافقته سبحانه في رضاه . بل الذي ينافي الرضا : أن يلح عليه . متحكما عليه ، متخيرا عليه ما لم يعلم : هل يرضيه أم لا ؟ كمن  يلح على ربه   في ولاية شخص ، أو إغنائه ، أو قضاء حاجته . فهذا ينافي الرضا ، لأنه ليس على يقين أن مرضاة الرب في ذلك .
فإن قيل : فقد يكون للعبد حاجة يباح له سؤاله إياها . فيلح على ربه في طلبها حتى يفتح له من لذيذ مناجاته وسؤاله ، والذل بين يديه وتملقه ، والتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وتفريغ القلب له ، وعدم تعلقه في حاجته بغيره - : ما لم يحصل له بدون الإلحاح . فهل يكره له هذا الإلحاح . وإن كان المطلوب حظا من حظوظه ؟  
قيل : هاهنا ثلاثة أمور .  
أحدها : أن يفنى بمطلوبه وحاجته عن مراده ورضاه ، ويجعل الرب تعالى وسيلة إلى مطلوبه ، بحيث يكون أهم إليه منه . فهذا ينافي كمال الرضا به وعنه .  
الثاني : أن يفتح على قلبه - حال السؤال - من معرفة الله ومحبته ، والذل له ، والخضوع والتملق : ما ينسيه حاجته . ويكون ما فتح له من ذلك أحب إليه من حاجته . بحيث يحب أن تدوم له تلك الحال ، وتكون آثر عنده من حاجته . وفرحه بها أعظم من فرحه بحاجته لو عجلت له وفاته ذلك . فهذا لا ينافي رضاه .  
وقال بعض العارفين : إنه لأن تكون لي حاجة إلى الله . فأسأله إياها . فيفتح علي من مناجاته ومعرفته ، والتذلل له ، والتملق بين يديه : ما أحب معه أن يؤخر عني قضاءها . وتدوم لي تلك الحال .  
وفي أثر :  إن العبد ليدعو ربه عز وجل . فيقول الله عز وجل لملائكته : اقضوا حاجة عبدي وأخروها ، فإني أحب أن أسمع دعاءه ، ويدعوه آخر . فيقول الله لملائكته : اقضوا حاجته وعجلوها . فإني أكره صوته      .  
وقد روى  الترمذي  وغيره عن   عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إن الله يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج     .  
 [ ص: 230 ] وروي أيضا من حديث   أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد . فليكثر من الدعاء في الرخاء      .  
وروي أيضا من حديث  أنس  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  ليسأل أحدكم ربه حاجته ، حتى يسأله الملح ، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع     .  
وفيه أيضا عن   ابن عمر  رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ما سئل الله شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية . وإن الدعاء لينفع مما نزل ومما لم ينزل . فعليكم عباد الله بالدعاء     .  
وإذا كان هذا  محبة الرب تعالى للدعاء ،   فلا ينافي الإلحاح فيه الرضا .  
الثالث : أن ينقطع طمعه من الخلق . ويتعلق بربه في طلب حاجته ، وقد أفرده بالطلب . ولا يلوي على ما وراء ذلك . فهذا قد تنشأ له المصلحة من نفس الطلب ، وإفراد الرب بالقصد .  
والفرق بينه وبين الذي قبله : أن ذلك قد فتح عليه بما هو أحب إليه من حاجته . فهو لا يبالي بفواتها بعد ظفره بما فتح عليه . وبالله التوفيق .  
				
						
						
