قال السكينة الثالثة : هي . وهي شيء يجمع قوة وروحا ، يسكن إليه الخائف ، ويتسلى به الحزين والضجر . ويسكن إليه العصي والجرئ والأبي . التي نزلت على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقلوب المؤمنين
هذا من عيون كلامه وغرره الذي تثنى عليه الخناصر . وتعقد عليه القلوب . وتظفر [ ص: 475 ] به عن ذوق تام . لا عن مجرد .
فذكر : أن هذا الشيء أنزله الله في قلب رسوله صلى الله عليه وسلم . وقلوب عباده المؤمنين يشتمل على ثلاثة معان : النور ، والقوة ، والروح .
وذكر له ثلاث ثمرات : سكون الخائف إليه ، وتسلي الحزين والضجر به ، واستكانة صاحب المعصية والجرأة على المخالفة والإباء إليه .
فبالروح الذي فيها : حياة القلب . وبالنور الذي فيها : استنارته ، وضياؤه وإشراقه ، وبالقوة : ثباته وعزمه ونشاطه .
فالنور : يكشف له عن دلائل الإيمان ، وحقائق اليقين . ويميز له بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، والغي والرشد ، والشك واليقين .
والحياة : توجب كمال يقظته وفطنته ، وحضوره وانتباهه من سنة الغفلة . وتأهبه للقائه .
والقوة : توجب له الصدق ، وصحة المعرفة ، وقهر داعي الغي والعنت ، وضبط النفس عن جزعها وهلعها ، واسترسالها في النقائض والعيوب . ولذلك ازداد بالسكينة إيمانا مع إيمانه .
والإيمان : يثمر له النور والحياة والقوة . وهذه الثلاثة تثمره أيضا . وتوجب زيادته . فهو محفوف بها قبلها وبعدها .
فبالنور : يكشف دلائل الإيمان . وبالحياة : ينتبه من سنة الغفلة . ويصير يقظانا . وبالقوة : يقهر الهوى والنفس ، والشيطان . كما قيل :
وتلك مواهب الرحمن ليست تحصل باجتهاد أو بكسب ولكن لا غنى عن بذل جهد
بإخلاص وجد لا بلعب وفضل الله مبذول ولكن
بحكمته وعن ذا النص ينبي فما من حكمة الرحمن وضع ال
كواكب بين أحجار وترب فشكرا للذي أعطاك منه
فلو قبل المحل لزاد ربي