وأما فالإحصار إذا زال لا يخلو من أحد وجهين : إما أن زال قبل بعث الهدي أو بعد ما بعث ، فإن زال قبل أن يبعث الهدي مضى على موجب إحرامه ، وإن كان قد بعث الهدي ثم زال الإحصار فهذا لا يخلو من أربعة أوجه . حكم زوال الإحصار :
إما أن كان يقدر على إدراك الهدي ، والحج ، أو لا يقدر على إدراكهما جميعا ، أو يقدر على إدراك الهدي دون الحج ، أو يقدر على إدراك الحج دون الهدي ، فإن كان يقدر على إدراك الهدي والحج لم يجز له التحلل ويجب عليه المضي فإن إباحة التحلل لعذر الإحصار ، والعذر قد زال ، وإن كان لا يقدر على إدراك واحد منهما لم يلزمه المضي ، وجاز له التحلل ; لأنه لا فائدة في المضي ، فتقرر الإحصار فيتقرر حكمه ، وإن كان يقدر على إدراك الهدي ، ولا يقدر على إدراك الحج لا يلزمه المضي أيضا لعدم الفائدة في إدراك الهدي دون إدراك الحج ، إذ الذهاب لأجل إدراك الحج ، فإذا كان لا يدرك الحج فلا فائدة في الذهاب ، فكانت قدرته على إدراك الهدي والعدم بمنزلة واحدة ، وإن كان يقدر على إدراك الحج ولا يقدر على إدراك الهدي قيل : إن هذا الوجه الرابع إنما يتصور على مذهب ; لأن دم الإحصار عنده لا يتوقف بأيام النحر ، بل يجوز قبلها فيتصور إدراك الحج دون إدراك الهدي . أبي حنيفة
فأما على مذهب ، أبي يوسف فلا يتصور هذا الوجه إلا في المحصر عن العمرة ; لأن دم الإحصار عندهما مؤقت بأيام النحر ، فإذا أدرك الحج فقد أدرك الهدي ضرورة ، وإنما يتصور عندهما في المحصر عن العمرة ; لأن الإحصار عنها لا يتوقت بأيام النحر بلا خلاف ، وإذا عرف هذا فقياس مذهب ومحمد في هذا الوجه أنه يلزمه المضي ، ولا يجوز له التحلل ; لأنه إذا قدر على إدراك الحج لم يعجز عن المضي في الحج ، فلم يوجد عذر الإحصار ، فلا يجوز له التحلل ويلزمه المضي ، وفي الاستحسان لا يلزمه المضي ويجوز له التحلل إلا أنه إذا كان لا يقدر على إدراك الهدي صار كأن الإحصار زال عنه بالذبح فيحل بالذبح عنه ; ولأن الهدي قد مضى في سبيله بدليل أنه لا يجب الضمان بالذبح على من بعث على يده بدنة ، فصار كأنه قدر على الذهاب بعد ما ذبح عنه والله أعلم . أبي حنيفة