لا بد من معرفة مقدار الطهر الصحيح  الذي يقابل الحيض ، وأقله خمسة عشر يوما عندنا إلا ما روي عن أبي حازم القاضي  ، وأبي عبد الله البلخي  أنه تسعة عشر يوما وقال  الشافعي  مثل قولنا وقال  مالك    : عشرة أيام وجه قول أبي حازم  ، وأبي عبد الله  أن الشهر يشتمل على الحيض ، والطهر عادة وقد قام الدليل على أن أكثر الحيض عشرة فيبقى من الشهر عشرون إلا أنا نقصنا يوما لأن الشهر قد ينقص بيوم . 
( ولنا ) إجماع الصحابة على ما قلنا ، ونوع من الاعتبار بأقل مدة الإقامة ، لأن لمدة الطهر شبها بمدة الإقامة ألا ترى أن المرأة بالطهر تعود إلى ما سقط عنها بالحيض كما أن المسافر بالإقامة يعود إلى ما سقط عنه بالسفر ، ثم أقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما كذا أقل الطهر . 
وما قالاه غير سديد ; لأن المرأة لا تحيض في الشهر عشرة لا محالة ، ولو حاضت عشرة لا تطهر عشرين لا محالة بل قد تحيض ثلاثة ، وتطهر عشرين وقد تحيض عشرة ، وتطهر خمسة عشر . 
وأما أكثر الطهر ، فلا غاية له ، حتى أن المرأة إذا طهرت سنين كثيرة فإنها تعمل ما تعمل الطاهرات بلا خلاف بين الأئمة ; لأن الطهارة في بنات آدم  أصل ، والحيض عارض فإذا لم يظهر العارض يجب بناء الحكم على الأصل ، وإن طال ، واختلف أصحابنا فيما وراء ذلك . 
وهو أن أكثر الطهر الذي يصلح لنصب العادة عند الاستمرار كم هو قال أبو عصمة سعد بن معاذ المروزي    : وأبو حازم القاضي  إن الطهر وإن طال يصلح لنصب العادة ، حتى إن المرأة إذا حاضت خمسة ، وطهرت ستة ثم استمر بها الدم يبنى الاستمرار عليه فتقعد خمسة ، وتصلي ستة ، وكذا لو رأت أكثر من ستة . 
وقال محمد بن إبراهيم الميداني  وجماعة من أهل بخارى    : إن أكثر الطهر  [ ص: 41 ] الذي يصلح لنصب العادة أقل من ستة أشهر ، وإذا كان ستة أشهر فصاعدا لا يصلح لنصب العادة ، وإذا لم يصلح له ترد أيامها إلى الشهر فتقعد ما كانت رأت فيه من خمسة أو ستة ، أو نحو ذلك ، وتصلي بقية الشهر هكذا دأبها وقال محمد بن مقاتل الرازي  ، وأبو علي الدقاق  أكثر الطهر الذي يصلح لنصب العادة  سبعة ، وخمسون يوما ، وإذا زاد عليه ترد أيامها إلى الشهر وقال بعضهم : أكثره شهر ، وإذا زاد عليه ترد إلى الشهر وقال بعضهم : سبعة ، وعشرون يوما ، ودلائل هذه الأقاويل تذكر في كتاب الحيض . 
				
						
						
