دخلت الليلة التي بين اليوم والغد في يمينه ; لأن ههنا جمع بين الوقت الثاني وبين الأول بحرف الجمع وهو الواو فصار وقتا واحدا فدخلت الليلة المتخللة . ولو قال : والله لا أكلمك اليوم وغدا
وروى بشر عن أن الليلة لا تدخل ; لأنه عقد اليمين على النهار ولا ضرورة توجب إدخال الليل فلا يدخل ، ولو حلف لا يكلمه يومين تدخل فيه الليلة سواء كان قبل طلوع الفجر أو بعده ، وكذلك الجواب في الليل ، ولو قال : والله لا أكلمك يوما ولا يومين فهو مثل قوله والله لا أكلمك ثلاثة أيام في قول أبي يوسف أبي حنيفة ، حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث يحنث ، وكذلك روى ومحمد بشر عن ، هكذا ذكر أبي يوسف في مختصره . الكرخي
وذكر في الجامع أنه على يومين حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني يحنث ، وإن كلمه في اليوم الثالث لا يحنث . محمد
وجه ما ذكره ظاهر لأنه عطف اليومين على اليوم والمعطوف غير المعطوف عليه فاقتضى يومين آخرين غير الأول فصار كأنه قال : والله لا أكلم فلانا يوما ويومين ، أو قال ثلاثة أيام . الكرخي
وجه ما ذكره في الجامع أن كل واحد منهما يمين مفردة لانفراد كل واحد منهما بكلمة النفي ، والواو للجمع بين اليمينين ، وصار تقديره أكلم فلانا يوما ولا أكلمه يومين لئلا تلغو كلمة النفي فصار لكل يمين مدة على حدة فصار على اليوم الأول يمينان وعلى اليوم الثاني يمين واحد ، بخلاف ما إذا قال : والله لا أكلم فلانا يوما ويومين فكلمه في اليوم الثالث أنه يحنث ، لأنه لما لم يعد كلمة النفي فلم يوجد ما يدل على أنه أراد نفي الكلام في كل مرة على حدة ليكون يمينين فبقي يمينا واحدة ، والواو للجمع بين المدتين كما لو جمع بين المدتين بكلمة الجمع فقال : والله لا أكلم فلانا ثلاثة أيام ، والدليل على التفرقة بينهما أنه لو قال : والله لا أكلم زيدا ولا عمرا فكلم أحدهما يحنث ، ولو قال : والله لا أكلم زيدا وعمرا فما لم يكلمهما لا يحنث . محمد
وقال بشر عن لو قال : والله لا أدخل الدار يوما ويوما فهو مثل حلفه على يومين . أبي يوسف
قال : ولا يشبه هذا قوله ولا أدخلها اليوم وغدا ، لأن قوله يوما ويوما عطف زمان منكر على زمان منكر فصار كقوله يومين فيدخل الليل ، وقوله اليوم وغدا عطف زمان معين على زمان معين ولا ضرورة إلى إدخال الليل فيه فلا يدخل ، ولو قال : والله لا أكلم زيدا يوما والله لا أكلمه يومين والله لا أكلمه ثلاثة أيام فاليوم الأول من حين فرغ من اليمين الثالثة عليه ثلاثة أيام ، واليوم الثاني عليه يمينان : الثانية والثالثة ، واليوم الثالث عليه يمين واحدة وهي الثالثة ، لأن كل يمين ذكرها تختص بما يعقبها فانعقدت اليمين الأولى على الكلام في يوم عقيب اليمين ، والثانية في يومين عقيب اليمين ، والثالثة في ثلاثة أيام عقيب اليمين ، فانعقدت على الكلام في اليوم الأول ثلاثة أيمان ، وعلى الثاني يمينان ، وعلى الثالث واحدة ، ونظير هذه المسائل ما روى أبو يوسف عن داود بن رشيد فيمن قال والله لا أكلمك اليوم سنة ، أو لا أكلمك اليوم شهرا ; فعليه أن يدع كلامه في ذلك اليوم شهرا وفي ذلك اليوم سنة حتى يكمل كلما دار ذلك اليوم في ذلك الشهر أو في تلك السنة ; لأن اليوم الواحد يستحيل أن يكون شهرا أو سنة فلم يكن ذلك مراد الحالف فكان مراده أن لا يكلمه في مثله شهرا أو سنة ، فإن قال : لا أكلمك اليوم عشرة أيام وهو في يوم السبت فهذا على سبتين ; [ ص: 50 ] لأن اليوم لا يكون عشرة أيام فلم يكن ذلك مرادا فيقع على عشرة أيام لأنه لا يدور في عشرة أيام أكثر من سبت واحد ، وكذلك لو قال : والله لا أكلمك السبت مرتين كان على سبتين ; لأن السبت لا يكون يومين فكان المراد منه مرتين ، وكذلك لو قال : لا أكلمك يوم السبت ثلاثة أيام كان كلها يوم السبت لما بينا ، ولو قال لا أكلمك يوما ما أو لا أكلمك يوم السبت يوما فله أن يجعله أي يوم شاء لأنه عقد يمينه على يوم شائع في أيام ، فكان التعيين إليه . محمد
وقال عن ابن سماعة فيمن قال لا أكلمك يوما بين يومين ولا نية له قال : فكل يوم بين يومين ، وهو عندي بمنزلة قوله لا أكلمك يوما فيكون على يوم من ساعة حلف ، والله - عز وجل - أعلم محمد