ولو فقالت : على ما في بطون غنمي أو نعمي من ولد أو على ما في ضروعها من لبن أو على ما في بطن جاريتي من ولد أو على ما في نخلي أو شجري من ثمر ; فإن كان هناك شيء فهو له عندنا . خلعها على شيء - أشارت إليه - مجهول
وقال : لا شيء له وجه قوله أن الجنين في البطن واللبن في الضرع لا يصلح عوضا في الخلع ; لأنه غير مقدور التسليم ولهذا لم يصح عوضا في النكاح وكذا في الخلع . الشافعي
والدليل عليه أنه لا يجوز بيعه والأصل عنده أن كل ما لا يجوز بيعه لا يصلح عوضا في الخلع .
ولنا الفرق بين الخلع وبين النكاح وهو أن باب الخلع أوسع من باب النكاح ألا ترى لو خلعها على عبد له آبق صحت التسمية ؟ ولو زوجها عليه لم تصح التسمية فتصح إضافته إلى ما هو مال متقوم موجود كما تصح إضافته إلى العبد الآبق ، بل أولى لأن ذاك له خطر الوجود والعدم وهذا موجود ، وبهذا تبين أن القدرة على تسليم البدل ليست بشرط في الخلع فإنه جائز على العبد الآبق .
والقدرة على تسليمه غير ثابتة بخلاف البيع فإن القدرة على تسليم المبيع شرط .
وإن لم يكن هناك شيء ردت عليه ما استحقت بعقد النكاح ; لأنها لما سمت مالا متقوما فقد غرته بتسمية المال المتقوم فصارت ملتزمة تسليم مال متقوم ضامنة له ذلك ، والزوج لم يرض بزوال ملكه إلا بعوض هو مال متقوم ، وقد تعذر عليه الوصول إليه لعدمه ، ولا سبيل إلى الرجوع إلى القيمة المذكورة لجهالتها ولا إلى قيمة البضع لما أنه لا قيمة للبضع عند الخروج عن الملك لما ذكرنا ; فوجب الرجوع إلى ما قوم البضع على الزوج عند الدخول وهو ما استحقته المرأة من المسمى أو مهر المثل ، وكذلك إذا قالت : علي ما في بيتي من متاع إنه إن كان هناك متاع فهو له وإن لم يكن يرجع عليها بالمهر ; لأنها غرته بتسمية مال متقوم فيلزمها ضمان الغرور - وهو رد المهر المستحق - لما قلنا ، ولو قالت : علي ما في بطن غنمي أو ضروعها أو علي ما في نخلي أو شجري ولم تزد على ذلك ; فإن كان هناك شيء أخذه ; لأن التسمية وقعت على مال متقوم موجود لكنه مجهول ، لكن الجهالة ليست بمتفاحشة فلا تمنع استحقاق الشيء ، ولو لم يكن هناك شيء فلا شيء له لانعدام تسمية مال متقوم ; لأنها ذكرت ما في بطنها وقد يكون في بطنها مال متقوم وقد لا يكون فلم تصر بذكره غارة لزوجها بل الزوج هو الذي غر نفسه ، والرجوع بحكم الغرور ولا غرور منها فلا يرجع عليها بشيء ، وإن قالت : اختلعت منك على ما تلد غنمي أو تحلب أو بثمر نخلي أو شجري أو على ما أرثه العام أو أكسبه أو ما أستغل من عقاري ، فقبل الزوج وقعت الفرقة وعليها أن ترد ما استحقت من المهر وإن ولدت الغنم وأثمر النخل والشجر .
أما وقوع الفرقة فلما ذكرنا أن ذلك يقف على قبول ما يصلح عوضا صحت تسميته عوضا وأما وجوب رد المستحق ; فلأنه لا سبيل إلى استحقاق المسمى ; لكونه معدوما وقت الخلع ويجوز أن يوجد ويجوز أن لا يوجد ، واستحقاق المعدوم الذي له خطر الوجود والعدم في عقد المعاوضة لم يرد الشرع به وورد بتحمل الجهالة إذا لم يختلف المعقود في قدر ما يتحمل لاختلافهما في احتمال السعة والضيق ، ولا سبيل إلى إهدار التسمية رأسا ; لأنها سمت مالا متقوما فلزم الرجوع إلى المهر المستحق بعقد النكاح ، ولو قالت : اخلعني على ما في يدي من دراهم أو دنانير أو فلوس فإن كان في يدها شيء من ذلك فهو له قل أو كثر ; لأنها سمت مالا متقوما ، والمسمى موجود فصحت التسمية وإن كان المسمى مجهول القيمة وله ما في يدها من الجنس المذكور قل أو كثر ; لأنه ذكر [ ص: 149 ] باسم الجمع فيتناول الثلاث فصاعدا وإن لم يكن في يدها شيء أو كان أقل من ثلاثة فعليها من كل صنف سمته ثلاثة وزنا في الدراهم والدنانير وعددا في الفلوس لوجود تسمية المال المتقوم ; لأن الدراهم والدنانير والفلوس أموال متقومة ، والمذكور بلفظ الجمع .
وأقل الجمع الصحيح ثلاثة فينصرف إليها ويتعين المسمى كما في الوصية بالدراهم ، بخلاف النكاح والعتق فإنه إذا تزوج امرأة على ما في يده من الدراهم وليس في يده شيء يجب عليه مهر المثل ، ولو يجب عليه قيمة نفسه ; لأن منافع البضع ليست بمتقومة عند الخروج عن الملك فلا يشترط كون المسمى معلوما ، واعتبر المسمى مع جهالته في نفسه وحمل على المتيقن بخلاف النكاح ; لأن منافع البضع عند الدخول في الملك متقومة . أعتق عبده على ما في يده من الدراهم وليس في يده شيء
وكذا العبد متقوم في نفسه فلا ضرورة إلى اعتبار المسمى المجهول ، ولو قالت : على ما في يدي ، ولم تزد عليه فإن كان في يدها شيء فهو له ; لأن التسمية وقعت على مال متقوم موجود فصحت واستحق عليها ما في يدها قل أو كثر ; لأن كلمة ما عامة فيما لا يعلم .
وإن لم يكن في يدها شيء فلا شيء ; لأنه إذا لم يكن في يدها شيء فلم توجد تسمية مال متقوم ; لأنها سمت ما في يدها وقد يكون في يدها شيء متقوم وقد لا يكون فلم يوجد شرط وجوب شيء فلا يلزمها شيء .