( فصل ) :
وأما بيان مقادير العدة ، وما تنقضي به ، فأما فإن كانت المرأة حرة فعدتها ثلاثة قروء لقوله تعالى { عدة الأقراء ، والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ، وسواء وجبت بالفرقة في النكاح الصحيح أو بالفرقة في النكاح الفاسد أو بالوطء عن شبهة النكاح لما ذكرنا أن النكاح الفاسد بعد الدخول يجعل منعقدا في حق وجوب العدة ، ويلحق به فيه ، وشبهة النكاح ملحقة بالحقيقة فيما يحتاط فيه ، والنص الوارد في المطلقة يكون واردا فيها دلالة ، وكذلك أم الولد إذا أعتقت بإعتاق المولى أو بموته فإنها تعتد بثلاثة قروء عندنا ، وعند تعتد بحيضة واحدة وجه قوله أن هذه العدة لم تجب بزوال ملك النكاح لعدم النكاح ، وإنما وجبت بزوال ملك اليمين فكان وجوبها بطريق الاستبراء فيكتفى بحيضة واحدة كما في استبراء سائر المملوكات . الشافعي
( ولنا ) ما روي عن ، وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا : عمر ثلاث حيض ، وهذا نص فيه ، وبه تبين أن الواجب عدة وليس باستبراء إلا أنهم سموه عدة ، والعدة لا تقدر بحيضة واحدة ، والدليل على أنه عدة أنه يجب على الحرة ، والحرة لا يلزمها الاستبراء . عدة أم الولد
وإذا كان عدة لا يجوز تقديرها بحيضة واحدة كسائر العدد ; ولأن هذه العدة تجب بزوال الفراش ; لأن أم الولد لها فراش إلا أن فراشها قبل العتق غير مستحكم بل هو ضعيف لاحتماله النقل إلى غيره فإذا أعتقت فقد استحكم فالتحق بالفراش الثابت بالنكاح ، والعدة التي تجب بزوال الفراش الثابت بالنكاح ، وهو النكاح الفاسد مقدرة بثلاثة قروء ، ولهذا استوى في الواجب عليها الموت ، والعتق كما في النكاح الفاسد ، وغيرها سواء ، وهي ثلاثة أقراء لعموم النص ، وإن كانت أمة فقرءان عند عامة العلماء . وعدة المستحاضة
وقال نفاة القياس : ثلاثة قروء كعدة الحرة احتجوا بعموم قوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } من غير تخصيص الحرة .
( ولنا ) الحديث المشهور ، وهو ما روي عن رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { عبد الله بن عمر } وقال طلاق الأمة ثنتان ، وعدتها حيضتان رضي الله عنه عدتها حيضتان ولو استطعت لجعلتها حيضة ، ونصفا ، وبه تبين أن الإماء مخصوصات من عموم الكتاب الكريم ، وتخصيص الكتاب بالخبر المشهور جائز بالإجماع ; ولأن العدة حق من حقوق النكاح مقدر فيؤثر الرق في تنصيفه كالقسم كان ينبغي أن يتنصف فتعتد حيضة ، ونصفا كما أشار إليه عمر رضي الله عنه إلا أنه لا يمكن ; لأن الحيضة الواحدة لا تتجزأ فتكاملت ضرورة ، وسواء كان زوجها حرا أو عبدا بلا خلاف ; لأن العدة تعتبر بالنساء بالإجماع ، ويستوي في مقدار هذه العدة المسلمة ، والكتابية ، الحرة كالحرة ، والأمة كالأمة ; لأن الدلائل لا توجب الفصل . عمر