ولو ، فالقول قول المولى مع يمينه ; لأنه من جانب المولى تعليق بشرط القبول ، والعبد يدعي وجود الشرط والمولى ينكر ، فكان القول قول المولى كما لو قال لعبده : إن دخلت الدار فأنت حر فمضى اليوم والعبد يدعي الدخول وأنكر المولى كان القول قول المولى كذا ههنا ، ولو كان الاختلاف في البيع كان القول قول المشتري ، بأن قال البائع : بعتك عبدي أمس بألف درهم ، فلم تقبل ، وقال المشتري : بل قبلت ، فالقول قول المشتري ، والفرق أن البيع لا يكون بيعا إلا بعد قبول المشتري ، فإذا قال : بعتك فقد أقر بالقبول ، فبقوله لم تقبل ، يريد الرجوع عما أقر به ، وإبطال ذلك فلم يقبل ، بخلاف الإعتاق على مال ; لأن كونه تعليقا لا يقف على وجود القبول من العبد ، إنما ذاك شرط وقوع العتق ، فكان الاختلاف واقعا في ثبوت العتق وعدمه ، فكان القول قول المولى ، ولو اختلف المولى والعبد في مقدار البدل فالقول قول العبد ; لأنه هو المستحق عليه المال ، فكان القول قوله في القدر المستحق كما في سائر الديون ، ولأنه لو وقع الاختلاف في أصل الدين كان القول قول المنكر ، فكذا إذا وقع في القدر ، وإن أقاما بينة فالبينة بينة المولى ; لأنها تثبت زيادة ، بخلاف التعليق بالأداء إذا اختلفا في مبلغ المال أن القول فيه قول المولى ; لأن الاختلاف هناك وقع في شرط ثبوت العتق إذ هو تعليق محض ، فالعبد يدعي العتق على المولى وهو ينكر فكان القول قوله ، وإن أقاما البينة فالبينة بينة العبد ; لأن الأصل هو العمل بالبينتين ما أمكن إذ هو عمل بالدليلين ، وههنا أمكن الجمع بينهما لعدم التنافي ; لأنا نجعل كأن المولى علق عتقه بكل واحد من الشرطين على حياله ، فأيهما وجد عتق ، ثم إذا قبل العبد عتق وصار البدل المذكور دينا في ذمته إذا كان مما يحتمل الثبوت في الذمة في الجملة على ما تبين ، ويسعى وهو حر في جميع أحكامه ، وذكر قال المولى : أعتقتك أمس بألف درهم فلم يقبل ، وقال العبد : قبلت أصلا فقال : المستسعى على ضربين ، كل من يسعى في تخليص رقبته فهو في حكم المكاتب عند علي الرازي ، وكل من يسعى في بدل رقبته الذي لزمه بالعتق ، أو في قيمة رقبته لأجل بدل شرط عليه ، أو لدين ثبت في رقبته فهو بمنزلة الحر في أحكامه ، مثل أن يعتق الراهن عبده المرهون وهو معسر ، وكذلك العبد المأذون إذا أعتق وعليه دين ، وكذلك أمة أعتقها سيدها على أن تتزوجه فقبلت ، ثم أبت ، فإنها تسعى في قيمتها وهي بمنزلة الحرة ، وكذلك إذا أبي حنيفة فهو بمنزلة الحر ، وإنما كان كذلك ; لأن السعاية في هذه الفصول لزمت بعد ثبوت الحرية وفي الفصل الأول قبل ثبوتها ، وإنما يسعى ليتوسل بالسعاية إلى الحرية عند قال لعبده : أنت حر رقبتك ، فقبل ذلك ، وعلى هذا لو أبرأ المولى [ ص: 75 ] المكاتب من مال الكتابة فلم يقبل فهو حر ، وعليه أن يؤدي الكتابة ; لأن الإبراء يصح من غير قبول إلا أنه يرتد بالرد لكن فيما يحتمل الرد ، والعتق لا يحتمل الرد فلم يرتد بالرد ، والمال يحتمل الرد فيرتد بالرد فيعتق ويلزمه المال . أبي حنيفة