( ومنها ) أنه تجزئ فيها النيابة فيجوز ; لأنها قربة تتعلق بالمال فتجزئ فيها النيابة كأداء الزكاة وصدقة الفطر ; ولأن كل أحد لا يقدر على مباشرة الذبح بنفسه خصوصا النساء ، فلو لم تجز الاستنابة لأدى إلى الحرج ، وسواء كان المأذون مسلما أو كتابيا ، حتى لو أمر مسلم كتابيا أن يذبح أضحيته يجزيه ; لأن الكتابي من أهل الذكاة إلا أنه يكره ; لأن التضحية قربة والكافر ليس من أهل القربة لنفسه فتكره إنابته في إقامة القربة لغيره ، وسواء كان الإذن نصا أو دلالة ; حتى لو اشترى شاة للأضحية فجاء يوم النحر فأضجعها وشد قوائمها فجاء إنسان وذبحها من غير أمره أجزأه استحسانا ، والقياس أنه لا يجوز وأن يضمن الذابح قيمتها ، وهو قول للإنسان أن يضحي بنفسه وبغيره بإذنه رحمه الله . زفر
وقال : يجزيه عن الأضحية ويضمن الذابح ، أما الكلام مع الشافعي فوجه القياس أنه ذبح شاة غيره بغير أمره فلا يجزي عن صاحبها ويضمن الذابح ; كما لو غصب شاة وذبحها ، وهو وجه زفر في وجوب الضمان على الذابح ، وجه الاستحسان أنه لما اشتراها للذبح وعينها لذلك فإذا ذبحها غيره فقد حصل غرضه وأسقط عنه مؤنة الذبح ، فالظاهر أنه رضي بذلك فكان مأذونا فيه دلالة فلا يضمن ويجزيه عن الأضحية كما لو أذن له بذلك نصا ، وبه تبين وهي قول الشافعي رحمه الله أنه يجزيه عن الأضحية ويضمن الذابح ; لأن كون الذبح مأذونا فيه يمنع وجوب الضمان ; كما لو نص على الإذن ; وكما لو باعها بإذن صاحبها ولو لم يرض به وأراد الضمان يقع عن المضحي ، وليس للوكيل أن يضحي ما وكل بشرائه بغير أمر موكله ; ذكره الشافعي رحمه الله في الإملاء . أبو يوسف
فإن ضحى جاز استحسانا ; لأنه أعانه على ذلك فوجد الإذن منه دلالة إلا أن يختار أن يضمنه فلا يجزي عنه ، وعلى هذا أنه يجزي كل واحد منهما أضحيته عنه استحسانا ويأخذها من الذابح لما بينا أن كل واحد منهما يكون راضيا بفعل صاحبه فيكون مأذونا فيه دلالة فيقع الذبح عنه ، ونية صاحبه تقع لغوا حتى لو تشاحا وأراد كل واحد منهما الضمان تقع الأضحية له وجازت عنه ; لأنه ملكه بالضمان على ما نذكره في الشاة المغصوبة إن شاء الله تعالى . إذا غلط رجلان فذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه عن نفسه
وذكر هشام عن رحمهما الله في نوادره في أبي يوسف قال : يجزي كل واحد منهما في قول رجلين اشتريا أضحيتين فذبح كل منهما أضحية صاحبه غلطا عن نفسه وأكلها رحمه الله وقولنا ، ويحلل كل واحد منهما صاحبه ، فإن تشاحا ضمن كل واحد منهما لصاحبه قيمة شاته ، فإن كان قد انقضت أيام النحر يتصدق بتلك القيمة ، أما جواز إحلالهما فلأنه يجوز لكل واحد منهما أن يطعمها لصاحبه ابتداء قبل الأكل ، فيجوز أن يحلله بعد الأكل ، وله أن يضمنه ; لأن من أتلف لحم الأضحية يضمن ويتصدق بالقيمة ; لأن القيمة بدل عن اللحم فصار كما لو باعه . أبي حنيفة
قال : وسألت رحمه الله عن أبا يوسف قال : بل وزنا ، قال : قلت فإن اقتسموها مجازفة وحلل بعضهم بعضا ؟ قال : أكره ذلك ، قال : قلت فما تقول في رجل باع درهما بدرهم فرجح أحدهما فحلل صاحبه الرجحان ؟ قال : هذا جائز ; لأنه لا يقسم معناه أنه هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة وهو الدرهم الصحيح ، أما عدم جواز القسمة مجازفة فلأن فيها معنى التمليك ، واللحم من الأموال الربوية فلا يجوز تمليكه مجازفة كسائر الأموال الربوية وأما عدم جواز التحليل فلأن الربوي لا يحتمل الحل بالتحليل ولأنه في معنى الهبة ، وهبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تصح بخلاف ما إذا رجح الوزن . البقرة إذا ذبحها سبعة في الأضحية أيقتسمون لحمها جزافا أو وزنا ؟