ولو نذر بقربة مقصودة من صلاة أو صوم ، فقال رجل آخر : علي مثل ذلك  يلزمه وكذا إذا قال علي المشي إلى بيت الله    - عز شأنه - ، وكل مملوك لي حر ، وكل امرأة لي طالق إذا دخلت الدار  ، فقال رجل آخر : علي مثل ذلك إن دخلت الدار ، ثم  [ ص: 89 ] دخل الثاني الدار فإنه يلزمه المشي ، ولا يلزمه العتاق والطلاق ، ثم : قال ألا ترى أنه لو قال : علي طلاق امرأتي فإن الطلاق لا يقع عليها ؟ وهذا يدل على أن من قال : الطلاق علي واجب أنه لا يقع طلاقه . 
قال  القدوري  رحمه الله : وكان أصحابنا بالعراق  يقولون فيمن قال : الطلاق لي لازم يقع الطلاق لعرف الناس أنهم يريدون به الطلاق وكان محمد بن سلمة   يقول : إن الطلاق يقع بكل حال . 
وحكى الفقيه أبو جعفر الهندواني  عن علي بن أحمد بن نصر بن يحيى  عن محمد بن مقاتل  رحمهم الله أنه قال : المسألة على الخلاف ، قال  أبو حنيفة    - عليه الرحمة - : إذا قال الطلاق لي لازم أو علي واجب -  لم يقع وقال  محمد    : يقع في قوله لازم ولا يقع في قوله واجب ، وحكى  ابن سماعة  في نوادره عن  أبي يوسف  في رجل قال : ألزمت نفسي طلاق امرأتي هذه أو ألزمت نفسي عتق عبدي هذا  قال : إن نوى به الطلاق والعتاق فهو واقع ، وإلا لم يلزمه ; وكذلك لو قال ألزمت نفسي طلاق امرأتي هذه إن دخلت الدار أو عتق عبدي هذا ; فدخل الدار - وقع الطلاق والعتاق إن نوى ذلك ، وإن لم ينو فليس بشيء جعله بمنزلة كنايات الطلاق . 
وجه قول  محمد    - عليه الرحمة - أن الوقوع للعادة ، والعادة في اللزوم ; لأنهم يذكرونه على إرادة الإيقاع ، ولا عادة في الإيجاب فلا يقع به شيء  ولأبي يوسف  رحمه الله أن الظاهر الإلزام والإيجاب للنذر ، ويحتمل أن يراد به التزام حكم الطلاق الواقع فيقف على النية كسائر كنايات الطلاق  ولأبي حنيفة  رحمه الله أن الطلاق لا يحتمل الإيجاب والإلزام ; لأنه ليس بقربة فبطل . 
				
						
						
