( وأما ) كفارة الظهار والإفطار والقتل ، فأما التحرير ، فجميع ما ذكرنا أنه شرط جوازه في كفارة اليمين ، فهو شرط جوازه في كفارة الظهار ، والإفطار ، والقتل وما ليس بشرط لجواز التحرير في كفارة اليمين ، فليس بشرط لجوازه في تلك الكفارات ، إلا أيمان الرقبة خاصة ، فإنه شرط الجواز في كفارة القتل بالإجماع ، وكذا كمال العتق قبل المسيس في كفارة الظهار ، وهذا تفريع على مذهب رضي الله عنه خاصة ، حتى لو أبي حنيفة فعليه أن يستقبل عتق الرقبة في قول أعتق نصف عبده ثم وطئ ثم أعتق ما بقي رحمه الله تعالى ; لأن العتق يتجزأ عند أبي حنيفة - عليه الرحمة - فلم يوجد تحرير كامل قبل المسيس فيلزمه الاستقبال . أبي حنيفة
( وأما ) الصوم ثلاثة أيام لقوله : - سبحانه وتعالى - { فقدر الصوم في كفارة اليمين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } وكذا [ ص: 111 ] في كفارة الحلق ; لحديث رضي الله عنه ذكرناه في كتاب الحج ، وفي القتل ، والظهار ، والإفطار صوم شهرين لورود النص به ( وأما ) شرط جواز هذه الصيامات فلجواز كعب بن عجرة شرائط مخصوصة منها : النية من الليل حتى لا يجوز بنية من النهار بالإجماع ; لأنه صوم غير عين ، فيستدعي وجوب النية من الليل لما ذكرنا في كتاب الصوم . صيام الكفارة
( ومنها ) التتابع في غير موضع الضرورة في صوم كفارة الظهار والإفطار والقتل بلا خلاف ; لأن التتابع منصوص عليه في هذه الكفارات الثلاثة قال الله - تبارك وتعالى - في كفارتي القتل والإفطار : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } { } بخلاف صوم قضاء رمضان ; لأن الله - سبحانه وتعالى - أمر به من غير شرط التتابع بقوله - تبارك وتعالى : { وقال النبي عليه الصلاة والسلام للأعرابي : صم شهرين متتابعين فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } .
( وأما ) صوم كفارة اليمين فيشترط فيه التتابع أيضا عندنا .
وعند لا يشترط بل هو بالخيار إن شاء تابع وإن شاء فرق ، واحتج بظاهر قوله تبارك وتعالى { الشافعي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } من غير شرط التتابع .
( ولنا ) قراءة رضي الله عنهما فصيام ثلاثة أيام متتابعات ، وقراءته كانت مشهورة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم فكانت بمنزلة الخبر المشهور لقبول الصحابة رضي الله عنهم إياها تفسيرا للقرآن العظيم ، إن لم يقبلوها في كونها قرآنا ، فكانت مشهورة في حق حكم الصحابة رضي الله عنهم إياها في حق وجوب العمل ، فكانت بمنزلة الخبر المشهور والزيادة على الكتاب الكريم بالخبر المشهور جائزة بلا خلاف ، ويجوز بخبر الواحد ، وكذا عند بعض مشايخنا على ما عرف في أصول الفقه وعلى هذا يخرج ما إذا أفطر في خلال الصوم أنه يستقبل الصوم ، سواء أفطر لغير عذر أو لعذر مرض ، أو سفر ; لفوت شرط التتابع ، وكذلك لو أفطر يوم الفطر أو يوم النحر أو أيام التشريق ، فإنه يستقبل الصيام سواء أفطر في هذه الأيام أو لم يفطر ; لأن الصوم في هذه الأيام لا يصلح لإسقاط ما في ذمته ; لأن ما في ذمته كامل والصوم في هذه الأيام ناقص لمجاورة المعصية إياه ، والناقص لا ينوب عن الكامل ولو كانت عبد الله بن مسعود لا يلزمها الاستقبال ; لأنها لا تجد صوم شهرين لا تحيض فيهما فكانت معذورة ، وعليها أن تصلي أيام القضاء بعد الحيض بما قبله حتى لو لم تصلي وأفطرت يوما بعد الحيض استقبلت ; لأنها تركت التتابع من غير ضرورة ، ولو نفست تستقبل لعدم الضرورة ; لأنها تجد شهرين لا نفاس فيهما ، ولو كانت في صوم كفارة اليمين ، فحاضت في خلال ذلك تستقبل ; لأنها تجد ثلاثة أيام لا حيض فيها فلا ضرورة إلى سقوط اعتبار الشرط ولو امرأة فصامت عن كفارة الإفطار في رمضان ، أو عن كفارة القتل ، فحاضت في خلال ذلك لا يستقبل ; لأن الصوم لم يفسد فلم يفت شرط التتابع ( ومنها ) عدم جامع امرأته التي لم يظاهر منها بالنهار ناسيا ، أو بالليل عامدا أو ناسيا ، أو أكل بالنهار ناسيا ، سواء فسد الصوم أو لا في قول المسيس في الشهرين في صوم كفارة الظهار ، أبي حنيفة وقال ومحمد : الشرط عدم فساد الصوم حتى لو جامع امرأته التي ظاهر منها بالليل عامدا أو ناسيا ، أو بالنهار ناسيا ، استقبل عندهما وعند أبو يوسف : يمضي على صومه وبه أخذ أبي يوسف ( وجه ) قول الشافعي أن هذا الجماع لا ينقطع به التتابع ; لأنه لا يفسد الصوم فلا يجب الاستقبال ، كما لو جامع امرأة أخرى ، ثم ظاهر منها والصحيح قولنا ; لأن المأمور به صوم شهرين متتابعين لا مسيس فيهما ، بقوله { أبي يوسف فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } ، فإذا جامع في خلالهما ، فلم يأت بالمأمور به ، ولو جامعها بالنهار عامدا استقبل بالاتفاق ( أما ) عندهما فلوجود المسيس ، ( وأما ) عنده فلانقطاع التتابع لوجود فساد الصوم ( وأما ) وجوب كفارة الحلق ، فصاحبه بالخيار إن شاء فرق لإطلاق قوله تبارك وتعالى { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } من غير فصل .