ولا المطلق - عندنا - وقال بيع المدبر - عليه الرحمة - : " بيع المدبر جائز " واحتج بما روي عن الشافعي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام أجاز بيع المدبر وعن سيدتنا جابر بن عبد الله عائشة رضي الله عنها أنها دبرت مملوكة لها فغضبت عليها فباعتها ; ولأن التدبير تعليق العتق بالموت ، والمعلق بالشرط عدم قبل وجود الشرط ، فلم يكن العتق ثابتا أصلا قبل الموت ، فيجوز بيعه كما إذا علق عتق عبده بدخول الدار ، ونحو ذلك ثم باعه قبل أن يدخل الدار ، وكما في المدبر المقيد .
( ولنا ) ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام { وجابر بن عبد الله الأنصاري نهى عن بيع المدبر } ومطلق النهي محمول على التحريم وروي عن رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : { عبد الله ابن سيدنا عمر } . المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث
وهذا نص في الباب ; ولأنه حر من وجه ، فلا يجوز بيعه كأم الولد ، والدليل على أنه حر من وجه : الاستدلال بضرورة الإجماع ، وهو أنه يعتق بعد الموت بالإجماع ، والحرية لا بد لها من سبب ، وليس ذلك إلا الكلام السابق ، وليس هو بتحرير بعد الموت ; لأن التحرير فعل اختياري ، وأنه لا يتحقق من الميت فكان تحريرا من حين وجوده ، فكان ينبغي أن تثبت به الحرية من كل وجه للحال إلا أنها تأخرت من وجه إلى آخر جزء من أجزاء حياته بالإجماع ، ولا إجماع على التأخير من وجه فبقيت الحرية من وجه ثابتة للحال فلا يكون مالا مطلقا ، فلا يجوز بيعه .
وحديث وسيدتنا جابر رضي الله عنهما حكاية فعل يحتمل أنه - أجاز عليه الصلاة والسلام بيع مد مقيدا أو باع مدبرا مقيدا ، ويحتمل أن يكون المراد منه الإجارة ; لأن الإجارة بلغة أهل عائشة المدينة تسمى بيعا ويحتمل أنه كان في ابتداء الإسلام حين كان بيع المدبر مشروعا ثم نسخ فلا يكون حجة مع الاحتمال .
( وأما ) المدبر المقيد فهناك لا يمكن أن يجعل الكلام السابق إيجابا من حين وجوده ; لأنه علق عتقه بموت موصوف بصفة ، واحتمل أن يموت من ذلك المرض والسفر أو لا ، فكان الخطر قائما فكان تعليقا ، فلم يكن إيجابا ما دام الخطر قائما ومتى اتصل به الموت يظهر أنه كان تحريرا من وجه من حين وجوده لكن لا يتعلق به حكم والله - سبحانه وتعالى - أعلم .