الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم قران الشرط الفاسد بالعقد وإلحاقه به سواء عند أبي حنيفة رحمه الله حتى لو باع بيعا صحيحا ، ثم ألحق به شيئا من هذه الشروط المفسدة يلتحق به ويفسد العقد ، وعندهما لا يلتحق به ، ولا يفسد العقد ، وأجمعوا على أنه لو ألحق بالعقد الصحيح شرطا صحيحا كالخيار الصحيح في البيع البات ونحو ذلك يلتحق به .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما : إن إلحاق الشرط الفاسد بالعقد يغير العقد من الصحة إلى الفساد فلا يصح ; فبقي العقد صحيحا كما كان ; لأن العقد كلام لا بقاء له ، والالتحاق بالمعدوم لا يجوز فكان ينبغي أن لا يصح الإلحاق أصلا ، إلا أن إلحاق الشرط الصحيح بأصل العقد ثبت شرعا للحاجة إليه حتى صح قرانه بالعقد ; فيصح إلحاقه به فلا حاجة إلى إلحاق الشرط الفاسد ليفسد العقد ، ولهذا لم يصح قرانه بالعقد ، ولأبي حنيفة رحمه الله أن اعتبار التصرف على الوجه الذي أوقعه المتصرف واجب إذا كان هو أهلا والمحل قابلا ، وقد أوقعه مفسدا للعقد ، إذ الإلحاق لفساد العقد فوجب اعتباره كما أوقعه فاسدا في الأصل ، وقولهما الإلحاق تغيير للعقد ; قلنا : إن كان تغييرا فلهما ولاية التغيير ، ألا ترى أن لهما ولاية التغيير بالزيادة في الثمن ، والمثمن ، والحط عن الثمن وبإلحاق الشرط الصحيح وإن كان تغييرا ; ولأنهما يملكان الفسخ فالتغيير أولى ; لأن التغيير تبديل الوصف ، والفسخ رفع الأصل والوصف ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية