ثم الخيار لا يخلو إما إن كان للبائع والمشتري جميعا وإما إن كان للبائع وحده وإما إن كان للمشتري وحده وإما إن كان لغيرهما بأن شرط أحدهما الخيار لثالث فإن فلا ينعقد العقد في حق الحكم في البدلين جميعا فلا يزول المبيع عن [ ص: 265 ] ملك البائع ، ولا يدخل في ملك المشتري ، وكذا لا يزول الثمن عن ملك المشتري ، ولا يدخل في ملك البائع ; لأن المانع من الانعقاد في حق حكم موجود في الجانبين جميعا ، وهو الخيار ، وإن كان الخيار لهما فلا ينعقد في حق الحكم في حقه حتى لا يزول المبيع عن ملكه ، ولا يجوز للمشتري أن يتصرف فيه ، ويخرج الثمن عن ملك المشتري ; لأن البيع بات في حقه ، وهل يدخل في ملك البائع ؟ عند كان للبائع وحده لا يدخل وعند أبي حنيفة ، أبي يوسف : يدخل ، وإن ومحمد لا ينعقد في حق الحكم في حقه حتى لا يزول الثمن عن ملكه . كان للمشتري وحده
ولا يجوز للبائع أن يتصرف فيه إذا كان عينا ، ولا يستحقه على المشتري إذا كان دينا ، ويخرج المبيع عن ملك البائع حتى لا يجوز له التصرف فيه ; لأن البيع بات في حقه ، وهل يدخل في ملك المشتري عند ؟ لا يدخل ، وعندهما يدخل ، وجه قولهما أن ثبوت الحكم عند وجود المستدعي هو الأصل ، والامتناع بعارض ، والمانع ههنا هو الخيار وأنه وجد في أحد الجانبين لا غير ، فيعمل في المنع فيه لا في الجانب الآخر ألا ترى كيف خرج المبيع عن ملك البائع إذا كان الخيار للمشتري ، والثمن عن ملك المشتري إذا كان الخيار للبائع ؟ ، فدل أن البيع بات في حق من لا خيار له ، فيعمل في بتات هذا الحكم الذي وضع له . أبي حنيفة
( وجه ) قول رحمه الله إن الخيار إذا كان للبائع ، فالمبيع لم يخرج عن ملكه ، وإذا كان للمشتري ، فالثمن لم يخرج عن ملكه ، وهذا يمنع دخول الثمن في ملك البائع في الأول ودخول المبيع في ملك المشتري في الثاني ; لوجهين : أحدهما : أنه جمع بين البدل والمبدل في عقد المبادلة ، وهذا لا يجوز ، والثاني : إن في هذا ترك التسوية بين العاقدين في حكم المعاوضة ، وهذا لا يجوز ; لأنهما لا يرضيان بالتفاوت ، وقولهما : البيع بات في حق من لا خيار له قلنا هذا يوجب البتات في حق الزوال لا في حق الثبوت ; لأن الخيار من أحد الجانبين له أثر في المنع من الزوال ، وامتناع الزوال من أحد الجانبين يمنع الثبوت من الجانب الآخر إن كان لا يمنع الزوال لما ذكرنا من الوجهين . أبي حنيفة