، فأيهما أجاز صريحا أو ما يجري مجرى الصريح أو فعل ما يدل على الإجازة بطل خياره ، ولزم البيع من جانبه ، والآخر على خياره إن شاء أجاز ، وإن شاء فسخ ، وأيهما فسخ صريحا أو ما يجري مجرى الصريح أو ، فعل ما يدل على الفسخ انفسخ أصلا ورأسا ، ولا تلحقه الإجازة من صاحبه بعد ذلك ، وإنما اختلف حكم الفسخ والإجازة ; لأن الفسخ تصرف في العقد بالإبطال ، والعقد بعد ما بطل لا يحتمل الإجازة ; لأن الباطل متلاش ( وأما ) الإجازة ، فهي تصرف في العقد بالتغيير ، وهو الإلزام لا بالإعدام ، فلا يخرجه عن احتمال الفسخ ، والإجازة ، ولو أجاز أحدهما ، وفسخ الآخر انفسخ العقد سواء كان على التعاقب أو على القران ; لأن الفسخ أقوى من الإجازة ألا ترى أنه يلحق الإجازة ، فإن المجاز يحتمل الفسخ ، فأما الإجازة ، فلا تلحق الفسخ ، فإن المفسوخ لا يحتمل الإجازة ، فكان الفسخ أقوى من الإجازة ، فكان أولى . ( وأما ) خيار البائع ، والمشتري جميعا ، فيسقط بما يسقط به حالة الانفراد
ولو ، فاختلافهما لا يخلو من أن يكون في مدة الخيار أو بعد مضي المدة ، فإن كان في المدة ، فالقول قول من يدعي الفسخ ; لأن أحدهما ينفرد بالفسخ ، وأحدهما لا ينفرد بالإجازة ، ولو قامت لهما بينة ، فالبينة بينة من يدعي الإجازة ; لأنه المدعي ، وإن كان بعد مضي المدة ، فقال أحدهما : مضت المدة بعد الفسخ ، وقال الآخر : بعد الإجازة ، فالقول قول من يدعي الإجازة ; لأن الحال حال الجواز ، وهو ما بعد انقضاء المدة ، فترجح جانبه بشهادة الحال ، فكان القول قوله ، ولو قامت لهما بينة ، فالبينة بينة مدعي الفسخ ; لأنها تثبت أمرا بخلاف الظاهر ، والبينات شرعت له . اختلفا في الفسخ ، والإجازة ، فقال أحدهما : فسخنا البيع ، وقال الآخر : لا بل أجزنا البيع جميعا
وإن كان الخيار لأحدهما ، واختلفا في الفسخ والإجازة في مدة الخيار ، فالقول قول من له الخيار سواء ادعى الفسخ أو الإجازة ; لأنه يملك الأمرين جميعا ، والبينة بينة الآخر ; لأنه هو المدعي ، ولو كان اختلافهما بعد مضي مدة الخيار ، فالقول قول من يدعي الإجازة أيهما كان ; لأن الحال حال الجواز ، وهي ما بعد مضي المدة ، ولو أرخت البينات في هذا كله ، فأسبقهما تاريخا أولى سواء قامت على الفسخ أو على الإجازة ، والله عز وجل أعلم ، وإن كان ، فقد ذكرنا أن ذلك جائز ، وللشارط ، والمشروط له خيار الفسخ والإجازة . خيار الشرط لغير العاقدين بأن شرط أحدهما الخيار لأجنبي
وأيهما أجاز جاز ، وأيهما ، فسخ انفسخ ; لأنه صار شارطا لنفسه مقتضى الشرط لغيره ، وصار المشروط له بمنزلة الوكيل للشارط في الفسخ ، والإجازة ، فإن أجاز أحدهما ، وفسخ الآخر ، فإن كانا على التعاقب ، فأولهما أولى ، فسخا كان أو إجازة ; لأن الثابت بالشرط أحد الأمرين ، فأيهما سبق ، وجوده بطل الآخر ، وإن كانا معا ذكر في البيوع أن تصرف المالك عن ، ولاية الملك أولى نقضا كان أو إجازة ، وذكر في المأذون أن النقض أولى من أيهما كان ( وجه ) رواية البيوع أن تصرف المالك صدر عن ولاية الملك ، فلا يعارضه الصادر عن ولاية النيابة .
( وجه ) رواية المأذون أن النقض أولى من الإجازة ; لأن المجاز يحتمل الفسخ ، أما المفسوخ فلا يحتمل الإجازة ، فكان الرجحان في المأذون للنقض من أيهما كان ، وقيل ما روي في البيوع قول ; لأنه يقدم ولاية الملك على ولاية النيابة ، وما ذكر في المأذون قول محمد ; لأنه لا يرى تقديم ولاية الملك ، وأصله ما ذكر في النوادر أن الوكيل بالبيع إذا باع من إنسان وباع المالك من غيره ، وخرج الكلامان مع أن بيع الموكل أولى عند أبي يوسف ، وعند محمد يجعل العبد بينهما نصفين ، ويخير كل واحد من المشتريين ، والله عز وجل أعلم . أبي يوسف