( وأما ) فهي أن شراء ما لم يره المشتري غير لازم ; لأن عدم الرؤية يمنع تمام الصفقة لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { صفته } ولأن جهالة الوصف تؤثر في الرضا فتوجب خللا فيه ، واختلاف الرضا في البيع يوجب الخيار ، ولأن من الجائز اعتراض الندم لما عسى لا يصلح له إذا رآه فيحتاج إلى التدارك فيثبت الخيار لإمكان التدارك عند الندم نظرا له ، كما ثبت خيار الرجعة شرعا نظرا للزوج تمكينا له من التدارك عند الندم ، كما قال تبارك وتعالى { من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } روي عن ( وأما ) بيع ما لم يره البائع فهل يلزم ؟ رحمه الله أنه كان يقول أولا لا يلزم ويثبت له الخيار ، ثم رجع وقال يلزم ولا يثبت له الخيار . أبي حنيفة
( وجه ) قوله الأول أن ما يثبت له في شراء ما لم يره المشتري - وهو ما ذكرنا من المعاني - موجود في بيع ما لم يره البائع ، فورود الشرع بالخيار ثمة يكون ورودا ههنا دلالة ( وجه ) قوله الآخر ما روي أن سيدنا رضي الله عنهما باع أرضا له من عثمان بن عفان رضي الله عنهما ولم يكونا رأياها ، فقيل لسيدنا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه : غبنت ، فقال : لي الخيار لأني بعت ما لم أره ، وقيل عثمان مثل ذلك فقال : لي الخيار لأني اشتريت ما لم أره ، فحكما في ذلك لطلحة فقضى بالخيار جبير بن مطعم رضي الله عنه وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعا منهم على ذلك والاعتبار بجانب المشتري ليس بسديد ; لأن مشتري ما لم يره مشتر على أنه خير مما ظنه فيكون بمنزلة مشتر شيئا على أنه جيد فإذا هو رديء ، ومن اشترى شيئا على أنه جيد فإذا هو رديء فله الخيار ، وبائع شيء لم يره يبيع على أنه أدون مما ظنه فكان بمنزلة بائع شيء على أنه رديء فإذا هو جيد ، ومن باع شيئا على أنه رديء فإذا هو جيد لا خيار للبائع فلهذا افترقا . لطلحة