( وأما ) فقد اختلف أصحابنا في ماهيتها ، قال بيان ماهية الإقالة وعملها عليه الرحمة : الإقالة فسخ في حق العاقدين بيع جديد في حق ثالث سواء كان قبل القبض أو بعده . أبو حنيفة
وروي عن رحمه الله أنها فسخ قبل القبض بيع بعده ، وقال أبي حنيفة : إنها بيع جديد في حق العاقدين وغيرهما إلا أن لا يمكن أن تجعل بيعا فتجعل فسخا ، وقال أبو يوسف : إنها فسخ إلا أن لا يمكن أن تجعل فسخا فتجعل بيعا للضرورة وقال محمد : إنها فسخ في حق الناس كافة ( وجه ) قول زفر إن الإقالة في اللغة عبارة عن الرفع يقال في الدعاء : اللهم أقلني عثراتي أي ارفعها ، وفي الحديث { زفر } وعن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { من أقال نادما أقال الله عثرته يوم القيامة } ، والأصل أن معنى التصرف شرعا ما ينبئ عنه اللفظ لغة ، ورفع العقد فسخه ، ولأن البيع والإقالة اختلفا اسما فيختلفان حكما ، هذا هو الأصل فإذا كانت رفعا لا تكون بيعا ; لأن البيع إثبات والرفع نفي وبينهما تناف فكانت الإقالة على هذا التقدير فسخا محضا فتظهر في حق كافة الناس . أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا في حد
( وجه ) قول أن الأصل فيها الفسخ ، كما قال محمد : إلا أنه إذا لم يمكن أن تجعل فسخا فتجعل بيعا ضرورة ( وجه ) قول زفر أن معنى البيع هو مبادلة المال بالمال وهو أخذ بدل وإعطاء بدل وقد وجد فكانت الإقالة بيعا لوجود معنى البيع فيها ، والعبرة للمعنى لا للصورة ، ولهذا أعطي حكم البيع في كثير من الأحكام على ما نذكر ، وكذا اعتبر بيعا في حق الثالث عند أبي يوسف ( وجه ) قول أبي حنيفة رحمه الله في تقرير معنى الفسخ ما ذكرناه أبي حنيفة أنه رفع لغة وشرعا ، ورفع الشيء فسخه . لزفر
وأما تقرير معنى البيع فيه فما ذكرنا أن كل واحد يأخذ رأس ماله ببدل وهذا معنى البيع إلا أنه لا يمكن إظهار معنى البيع في الفسخ في حق العاقدين للتنافي فأظهرناه في حق الثالث فجعل فسخا في حقهما بيعا في حق ثالث وهذا ليس بممتنع ، ألا ترى أنه لا يمتنع أن يجعل الفعل الواحد من شخص واحد طاعة من وجه ومعصية من وجه ؟ فمن شخصين أولى ، والدليل عليه أنها لا تصح من غير تسمية ، ولا صحة للبيع من غير تسمية الثمن . لأبي يوسف