( كتاب الحوالة )
الكلام في هذا الكتاب يقع في مواضع : في بيان ركن الحوالة ، وفي بيان شرائط الركن ، وفي بيان حكم الحوالة ، وفي بيان ما يخرج به المحال عليه عن الحوالة ، وفي بيان الرجوع بعد الخروج : أنه هل يرجع أم لا ؟ .
( أما ) . ركن الحوالة
فهو الإيجاب والقبول ، الإيجاب من المحيل ، والقبول من المحال عليه والمحال جميعا ، فالإيجاب : أن يقول المحيل للطالب : أحلتك على فلان هكذا ، والقبول من المحال عليه والمحال أن يقول كل واحد منهما : قبلت أو رضيت ، أو نحو ذلك مما يدل على القبول والرضا ، وهذا عند أصحابنا .
وقال - رحمه الله - : إن لم يكن للمحيل على المحال عليه دين فكذلك ، فأما إذا كان له عليه دين ; فيتم بإيجاب المحيل وقبول المحتال . الشافعي
( وجه ) قوله أن المحيل في هذه الصورة مستوف حق نفسه بيد الطالب ; فلا يقف على قبول من عليه الحق ، كما إذا وكله بالقبض ، وليس هو كالمحال ; لأن الحوالة تصرف عليه بنقل حقه من ذمة إلى ذمة مع اختلاف الذمم ; فلا يصح من غير رضا صاحب الحق .
( ولنا ) أن الحوالة تصرف على المحال [ ص: 16 ] عليه ، بنقل الحق إلى ذمته ، فلا يتم إلا بقبوله ورضاه ، بخلاف التوكيل بقبض الدين ; لأنه ليس تصرفا عليه بنقل الواجب إليه ابتداء ; بل هو تصرف بأداء الواجب ; فلا يشترط قبوله ورضاه ; ولأن الناس في اقتضاء الديون والمطالبة بها على التفاوت : بعضهم أسهل مطالبة واقتضاء ، وبعضهم أصعب ، فلا بد من قبوله ليكون لزوم ضرر الصعوبة مضافا إلى التزامه .