فعليه أخرى ; لأنها عند اختلاف المجلس حصلت بحق التلاوة فتجدد السبب ، وعن ولو تلاها في مكان وذهب عنه ثم انصرف إليه فأعادها أن هذا إذا بعد عن ذلك المكان فإن كان قريبا منه لم يلزمه أخرى ويصير كأنه تلاها في مكانه ; لحديث محمد أنه كان يعلم الناس أبي موسى الأشعري بالبصرة وكان يزحف إلى هذا تارة وإلى هذا تارة أخرى فيعلمهم آية السجدة ولا يسجد إلا مرة واحدة .
ولو سجد التالي لكل مرة لتجدد السبب في حقه وهو التلاوة عند اختلاف المجلس . تلاها في موضع ومعه رجل يسمعها ثم ذهب التالي عنه ثم انصرف إليه فأعادها والسامع على مكانه
وأما السامع فليس عليه إلا سجدة واحدة ; لأن السبب في حقه سماع التلاوة والثانية ما حصلت بحق التلاوة في حقه لاتحاد المجلس .
وكذلك سجد السامع لكل مرة سجدة وليس على التالي إلا سجدة واحدة لتجدد السبب في حق السامع دون التالي على ما مر . إذا كان التالي على مكانه ذلك والسامع يذهب ويجيء ويسمع تلك الآية
ولو تلاها في مسجد جماعة أو في المسجد الجامع في زاوية ثم تلاها في زاوية أخرى لا يجب عليه إلا سجدة واحدة ; لأن المسجد كله جعل بمنزلة مكان واحد في حق الصلاة ففي حق السجدة أولى ، وكذا حكم السماع ، وكذلك البيت والمحمل والسفينة في حكم التلاوة والسماع سواء كانت السفينة واقفة ، أو جارية بخلاف الدابة على ما نذكر .
ولو تلاها وهو يمشي لزمه لكل مرة سجدة لتبدل المكان ، وكذلك لو كان يسبح في نهر عظيم أو بحر لما ذكرنا فإن كان يسبح في حوض أو غدير له حد معلوم قيل يكفيه سجدة واحدة ولو تلاها على غصن ثم انتقل إلى غصن آخر اختلف المشايخ فيه وكذا التلاوة عند الكرس ، وقالوا في تسدية الثوب إنه يتكرر الوجوب .
ولو إن كان خارج الصلاة سجد لكل مرة سجدة على حدة بخلاف ما إذا قرأها في السفينة وهي تجري حيث تكفيه واحدة . قرأ آية السجدة مرارا وهو يسير على الدابة
( والفرق ) أن قوائم الدابة جعلت كرجليه حكما لنفوذ تصرفه عليها في السير والوقوف فكان تبدل مكانها كتبدل مكانه فحصلت القراءة في مجالس مختلفة فتعلقت بكل تلاوة سجدة بخلاف السفينة فإنها لم تجعل بمنزلة رجلي الراكب لخروجها عن قبول تصرفه في السير والوقوف ولهذا أضيف سيرها إليها دون راكبها قال الله تعالى { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم } وقال { وهي تجري بهم في موج كالجبال } فلم يجعل تبدل مكانها تبدل مكانه بل مكانه ما استقر هو فيه من السفينة من حيث الحقيقة والحكم وذلك لم يتبدل فكانت التلاوة متكررة في مكان واحد فلم يجب لها إلا سجدة واحدة كما في البيت وعلى هذا حكم السماع بأن سمعها من غيره مرتين وهو يسير على الدابة لتبدل مكان السامع ، هذا إذا كان خارج الصلاة فأما إذا كان في الصلاة بأن تلاها وهو يسير على الدابة ويصلي عليها إن كان ذلك في ركعة واحدة لا يلزمه إلا سجدة واحدة بالإجماع ; لأن الشرع حيث جوز صلاته عليها مع حكمه ببطلان الصلاة في الأماكن المختلفة دل على أنه أسقط اعتبار اختلاف الأمكنة أو جعل مكانه في هذه الحالة ظهر الدابة لا ما هو مكان قوائمها وهذا أولى من إسقاط اعتبار الأماكن المختلفة ; لأنه ليس بتغيير للحقيقة أو هو أقل تغييرا لها وذلك تغيير للحقيقة من جميع الوجوه والظهر متحد فلا يلزمه إلا سجدة واحدة وصار راكب الدابة في هذه الحالة كراكب السفينة يحققه أن الشرع جوز صلاته ولو جعل مكانه أمكنة قوائم الدابة لصار هو ماشيا بمشيها ، والصلاة ماشيا لا تجوز .