فصل
إلف المعصية
[ ص: 57 ]
ومنها : أنه ينسلخ من القلب استقباحها ، فتصير له عادة ، فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ، ولا كلامهم فيه .
وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها ، فيقول : يا فلان ، عملت كذا وكذا .
وهذا الضرب من الناس لا يعافون ، وتسد عليهم طريق التوبة ، وتغلق عنهم أبوابها في الغالب ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم : . كل أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإن من الإجهار أن يستر الله على العبد ثم يصبح يفضح نفسه ويقول : يا فلان عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ، فهتك نفسه ، وقد بات يستره ربه
المعاصي مواريث
ومنها أن كل معصية من المعاصي فهي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل .
فاللوطية : ميراث عن قوم لوط .
وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ، ميراث عن قوم شعيب .
والعلو في الأرض بالفساد ، ميراث عن قوم فرعون .
والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود .
فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم ، وهم أعداء الله .
وقد روى عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه عن قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء مالك بن دينار بني إسرائيل أن قل لقومك : لا يدخلوا مداخل أعدائي ، ولا يلبسوا ملابس أعدائي ولا يركبوا مراكب أعدائي ، ولا يطعموا مطاعم أعدائي ، فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي .
وفي مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، . بعثت بالسيف بين يدي الساعة ، حتى يعبد الله وحده لا شريك له ،