فصل 
وأما طلاق الإغلاق  ، فقد قال  الإمام أحمد  في رواية حنبل   : وحديث  عائشة   - رضي الله عنها - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق  ) ، يعني الغضب ، هذا نص أحمد  حكاه عنه الخلال  ، وأبو بكر  في " الشافي " ، و " زاد المسافر " . فهذا تفسير أحمد   . 
وقال أبو داود  في " سننه " : أظنه الغضب ، وترجم عليه : " باب الطلاق على غلط " . وفسره أبو عبيد  وغيره بأنه الإكراه ، وفسره غيرهما بالجنون ، وقيل : هو نهي عن إيقاع الطلقات الثلاث دفعة واحدة ، فيغلق عليه الطلاق حتى لا يبقى منه شيء ، كغلق الرهن ، حكاه  أبو عبيد الهروي   . 
قال شيخنا: وحقيقة الإغلاق أن يغلق على الرجل قلبه ، فلا يقصد الكلام ، أو لا يعلم به ، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته . قلت : قال  أبو العباس المبرد   : الغلق : ضيق الصدر ، وقلة الصبر بحيث لا يجد مخلصا ، قال شيخنا : ويدخل في ذلك طلاق المكره والمجنون ، ومن زال عقله بسكر أو غضب ، وكل من لا قصد له ولا معرفة له بما قال . 
والغضب على ثلاثة أقسام : 
 [ ص: 196 ] أحدها : ما يزيل العقل ، فلا يشعر صاحبه بما قال ، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع . 
والثاني : ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده ، فهذا يقع طلاقه . 
الثالث : أن يستحكم ويشتد به ، فلا يزيل عقله بالكلية ، ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محل نظر ، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه . 
				
						
						
