حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطلاق قبل النكاح
في " السنن " : من حديث ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عمرو بن شعيب ) . قال لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق له فيما لا يملك ، ولا طلاق له فيما لا يملك : هذا حديث حسن ، وهو أحسن شيء في هذا الباب ، وسألت الترمذي ، فقلت : أي شيء أصح في الطلاق قبل النكاح ؟ فقال : حديث محمد بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن جده . عمرو بن شعيب
وروى أبو داود : ( لا بيع إلا فيما يملك ، ولا وفاء نذر إلا فيما يملك ) .
وفي " سنن " : عن ابن ماجه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( المسور بن مخرمة ) . لا طلاق قبل النكاح ، ولا عتق قبل ملك
وقال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ذئب ، محمد بن المنكدر ، كلاهما عن وعطاء بن أبي [ ص: 197 ] رباح ، يرفعه : ( جابر بن عبد الله ) . لا طلاق قبل نكاح
وذكر عبد الرزاق ، عن ، قال : سمعت ابن جريج عطاء يقول : قال رضي الله عنه : ( لا طلاق إلا من بعد نكاح ) . ابن عباس
قال : بلغ ابن جريج أن ابن عباس يقول : ( إن طلق ما لم ينكح فهو جائز ) ، فقال ابن مسعود : ( أخطأ في هذا ، إن الله تعالى يقول : ( ابن عباس إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن ) ) [ الأحزاب : 49 ] ، ولم يقل : إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن .
وذكر أبو عبيد : عن رضي الله عنه - أنه سئل عن علي بن أبي طالب - ، فقال رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق علي : ( ليس طلاق إلا من بعد ملك ) .
وثبت عنه - رضي الله عنه - أنه قال : ( لا طلاق إلا من بعد نكاح وإن سماها ) ، وهذا قول ، وإليه ذهب عائشة ، الشافعي وأحمد ، وإسحاق ، وأصحابهم ، وداود وأصحابه ، وجمهور أهل الحديث .
ومن حجة هذا القول : أن القائل : إن تزوجت فلانة ، فهي طالق مطلق لأجنبية ، وذلك محال ، فإنها حين الطلاق المعلق أجنبية ، والمتجدد هو نكاحها ، والنكاح لا يكون طلاقا ، فعلم أنها لو طلقت ، فإنما يكون ذلك استنادا إلى الطلاق المتقدم معلقا ، وهي إذ ذاك أجنبية ، وتجدد الصفة لا يجعله متكلما بالطلاق عند وجودها ، فإنه عند وجودها مختار للنكاح غير مريد للطلاق ، فلا يصح ، كما لو [ ص: 198 ] قال لأجنبية : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فدخلت وهي زوجته ، لم تطلق بغير خلاف .
فإن قيل : فما الفرق بين تعليق الطلاق وتعليق العتق ؟ فإنه لو قال : ، صح التعليق ، وعتق بالملك ؟ . إن ملكت فلانا فهو حر
قيل : في تعليق العتق قولان ، وهما روايتان عن أحمد ، كما عنه روايتان في تعليق الطلاق ، والصحيح من مذهبه الذي عليه أكثر نصوصه ، وعليه أصحابه - صحة ، والفرق بينهما أن العتق له قوة وسراية ، ولا يعتمد نفوذ الملك ، فإنه ينفذ في ملك الغير ، ويصح أن يكون الملك سببا لزواله بالعتق عقلا وشرعا ، كما يزول ملكه بالعتق عن ذي رحمه المحرم بشرائه ، وكما لو اشترى عبدا ليعتقه في كفارة أو نذر ، أو اشتراه بشرط العتق ، وكل هذا يشرع فيه جعل الملك سببا للعتق ، فإنه قربة محبوبة لله تعالى ، فشرع الله سبحانه التوسل إليه بكل وسيلة مفضية إلى محبوبه وليس كذلك الطلاق ، فإنه بغيض إلى الله ، وهو أبغض الحلال إليه ، ولم يجعل ملك البضع بالنكاح سببا لإزالته البتة ، وفرق ثان أن تعليق العتق بالملك من باب نذر القرب والطاعات والتبرر ، كقوله : لئن آتاني الله من فضله لأتصدقن بكذا وكذا ، فإذا وجد الشرط ، لزمه ما علقه به من الطاعة المقصودة ، فهذا لون ، وتعليق الطلاق على الملك لون آخر . تعليق العتق دون الطلاق