فصل
ثم الذين جعلوا أمرا غير إعادة اللفظ اختلفوا فيه هل هو مجرد إمساكها بعد الظهار أو أمر غيره ؟ على قولين . العود
فقالت طائفة : هو إمساكها زمنا [ ص: 302 ] يتسع لقوله : أنت طالق فمتى لم يصل الطلاق بالظهار لزمته الكفارة ، وهو قول . الشافعي
قال منازعوه : وهو في المعنى قول مجاهد ، ، فإن هذا النفس الواحد لا يخرج الظهار عن كونه موجب الكفارة ، ففي الحقيقة لم يوجب الكفارة إلا لفظ الظهار ، وزمن قوله : أنت طالق لا تأثير له في الحكم إيجابا ولا نفيا ، فتعليق الإيجاب به ممتنع ، ولا تسمى تلك اللحظة والنفس الواحد من الأنفاس عودا لا في لغة العرب ، ولا في عرف الشارع ، وأي شيء في هذا الجزء اليسير جدا من الزمان من معنى العود أو حقيقته ؟ قالوا : وهذا ليس بأقوى من قول من قال هو إعادة اللفظ بعينه ، فإن ذلك قول معقول يفهم منه العود لغة وحقيقة ، وأما هذا الجزء من الزمان فلا يفهم من الإنسان فيه العود البتة . قالوا : ونحن نطالبكم بما طالبتم به والثوري الظاهرية ، من قال هذا القول قبل ؟ الشافعي
قالوا : والله سبحانه أوجب الكفارة بالعود بحرف " ثم " الدالة على التراخي عن الظهار ، فلا بد أن يكون بين العود وبين الظهار مدة متراخية ، وهذا ممتنع عندكم ، وبمجرد انقضاء قوله : أنت علي كظهر أمي صار عائدا ما لم يصله بقوله : أنت طالق ، فأين التراخي والمهلة بين العود والظهار ؟ لم ينقل هذا عن أحد من الصحابة والتابعين ، وإنما أخبر أنه أولى المعاني بالآية فقال : الذي عقلت مما سمعت في ( والشافعي يعودون لما قالوا ) أنه إذا أتت على المظاهر مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي يحرم به ، وجبت عليه الكفارة ، كأنهم يذهبون إلى أنه إذا أمسك ما حرم على نفسه أنه حلال ، فقد عاد لما قال ، فخالفه ، فأحل ما حرم ، ولا أعلم له معنى أولى به من هذا . انتهى .