فصل الكلام على هذه الأحكام
أما الحديث الأول فهو حديث احتاج الناس فيه إلى ، ولم يجدوا بدا من الاحتجاج هنا به ، ومدار الحديث عليه ، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في عمرو بن شعيب غير هذا ، وقد ذهب إليه الأئمة الأربعة وغيرهم ، وقد صرح بأن الجد هو سقوط الحضانة بالتزويج ، فبطل قول من يقول : لعله عبد الله بن عمرو محمد والد شعيب ، فيكون الحديث مرسلا .
وقد صح سماع شعيب من جده ، فبطل قول من قال : إنه منقطع ، وقد احتج به عبد الله بن عمرو خارج صحيحه ، ونص على صحة حديثه ، وقال : كان البخاري ، عبد الله بن الزبير الحميدي وأحمد ، وإسحاق ، وعلي بن عبد الله يحتجون بحديثه ، فمن الناس بعدهم ؟ ! هذا لفظه . وقال : هو عندنا إسحاق بن راهويه كأيوب عن نافع عن . وحكى ابن عمر الحاكم في " علوم الحديث " له الاتفاق على صحة حديثه . وقال أحمد بن صالح : لا يختلف على عبد الله أنها صحيفة .
وقولها : " كان بطني وعاء " إلى آخره ، إدلاء منها ، وتوسل إلى اختصاصها به ، كما اختص بها في هذه المواطن الثلاثة ، والأب لم يشاركها في ذلك ، فنبهت [ ص: 390 ] في هذا الاختصاص الذي لم يشاركها فيه الأب على الاختصاص الذي طلبته بالاستفتاء والمخاصمة .
وفي هذا دليل على اعتبار المعاني والعلل ، وتأثيرها في الأحكام ، وإناطتها بها ، وأن ذلك أمر مستقر في الفطر السليمة حتى فطر النساء ، وهذا الوصف الذي أدلت به المرأة وجعلته سببا لتعليق الحكم به قد قرره النبي صلى الله عليه وسلم ، ورتب عليه أثره ، ولو كان باطلا ألغاه ، بل ترتيبه الحكم عقيبه دليل على تأثيره فيه وأنه سببه .
واستدل بالحديث على ، فإن الأب لم يذكر له حضور ولا مخاصمة ، ولا دلالة فيه لأنها واقعة عين ، فإن كان الأب حاضرا ، فظاهر ، وإن كان غائبا فالمرأة إنما جاءت مستفتية ، أفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى مسألتها ، وإلا فلا يقبل قولها على الزوج إنه طلقها حتى يحكم لها بالولد بمجرد قولها . القضاء على الغائب