فصل ومما يبين صحة الأصل المتقدم : أنهم قالوا : ، وقدم الأقرب فالأقرب منهم ، كما في الميراث ، فهذا جار على القياس ، فيقال لهم : هلا راعيتم هذا في جنس القرابة ، فقدمتم القرابة القوية الراجحة على الضعيفة المرجوحة كما فعلتم في العصبات ؟ إذا عدم الأمهات ومن في جهتهن انتقلت الحضانة إلى العصبات
[ ص: 399 ] وأيضا فإن الصحيح في الأخوات عندكم أنه يقدم منهن من كانت لأبوين ، ثم من كانت لأب ، ثم من كانت لأم ، وهذا صحيح موافق للأصول والقياس ، لكن إذا ضم هذا إلى قولهم بتقديم قرابة الأم على قرابة الأب جاء التناقض ، وتلك الفروع المشكلة المتناقضة .
وأيضا فقد قالوا بتقديم أمهات الأب والجد على الخالات والأخوات للأم ، وهو الصواب الموافق لأصول الشرع ، لكنه مناقض لتقديمهم أمهات الأم على أمهات الأب ، ويناقض تقديم الخالة والأخت للأم على الأب ، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله ، والقول القديم . ولا ريب أن القول به أطرد للأصل ، لكنه في غاية البعد من قياس الأصول كما تقدم ، ويلزمهم من طرده أيضا تقديم من كان من الأخوات لأم على من كان منهن لأب ، وقد التزمه للشافعي ، أبو حنيفة والمزني ، ، ويلزمهم من طرده أيضا تقديم بنت الخالة على الأخت للأب ، وقد التزمه وابن سريج زفر ، وهو رواية عن ، ولكن أبي حنيفة أبو يوسف استشنع ذلك ، فقدم الأخت للأب كقول الجمهور ، ورواه عن . أبي حنيفة
ويلزمهم أيضا من طرده تقديم الخالة والأخت للأم على الجدة أم الأب ، وهذا في غاية البعد والوهن ، وقد التزمه زفر ، ومثل هذا من المقاييس التي حذر منها أصحابه ، وقال : لا تأخذوا بمقاييس أبو حنيفة زفر ، فإنكم إن أخذتم بمقاييس زفر حرمتم الحلال ، وحللتم الحرام .