وقد رام بعض أصحاب أحمد ضبط هذا الباب بضابط زعم أنه يتخلص به من التناقض ، فقال : بالولادة المتحققة ، وهي الأمومة ، ثم الولادة الظاهرة وهي الأبوة ، ثم الميراث . قال ولذلك تقدم الأخت من الأب على الأخت من الأم ، وعلى الخالة ؛ لأنها أقوى إرثا منهما . قال : ثم الإدلاء ، فتقدم الخالة على العمة ؛ لأن الخالة تدلي بالأم ، والعمة تدلي بالأب ، فذكر أربع [ ص: 400 ] أسباب للحضانة ، مرتبة الأمومة ، ثم بعدها الأبوة ، ثم بعدها الميراث ، ثم الإدلاء ، وهذه طريقة صاحب " المستوعب " ، وما زادته هذه الطريقة إلا تناقضا وبعدا عن قواعد الشريعة ، وهي من أفسد الطرق ، وإنما يتبين فسادها بلوازمها الباطلة ، فإنه إن أراد بتقديم الأمومة على الأبوة تقديم من في جهتها على الأب ومن في جهته - كانت تلك اللوازم الباطلة المتقدمة من تقديم الأخت للأم ، وبنت الخالة على الأب وأمه ، وتقديم الخالة على العمة ، وتقديم خالة الأم على الأب وأمه ، وتقديم بنات الأخت من الأم على أم الأب ، وهذا مع مخالفته لنصوص إمامه ، فهو مخالف لأصول الشرع وقواعده . الاعتبار في الحضانة
وإن أراد أن الأم نفسها تقدم على الأب ، فهذا حق لكن الشان في مناط هذا التقديم : هل هو لكون الأم ومن في جهتها تقدم على الأب ومن في جهته ، أو لكونها أنثى في درجة ذكر ، وكل أنثى كانت في درجة ذكر قدمت عليه مع تقديم قرابة الأب على قرابة الأم ؟ وهذا هو الصواب كما تقدم ، وكذلك قوله : " ثم الميراث " إن أراد به أن المقدم في الميراث مقدم في الحضانة فصحيح ، وطرده تقديم قرابة الأب على قرابة الأم ؛ لأنها مقدمة عليها في الميراث ، فتقدم الأخت على العمة والخالة . وقوله : " وكذلك تقديم الأخت للأب على الأخت للأم ، والخالة ؛ لأنها أقوى إرثا منهما ، فيقال : لم يكن تقديمها لأجل الإرث وقوته ، ولو كان لأجل ذلك لكان العصبات أحق بالحضانة من النساء ، فيكون العم أولى من الخالة والعمة ، وهذا باطل .