فصل والحكم الرابع : أن الرضاع الذي يتعلق به التحريم ما كان قبل الفطام في زمن الارتضاع المعتاد ، وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال  الشافعي  ، وأحمد  ، وأبو يوسف  ، ومحمد   : هو ما كان في الحولين ، ولا يحرم ما كان بعدهما ، وصح ذلك عن عمر  ،  وابن مسعود  ،  وأبي هريرة  ،  وابن عباس  ،  وابن عمر  ، وروي عن  سعيد بن المسيب  ،  والشعبي  ،  وابن شبرمة  ، وهو قول سفيان  ، وإسحاق  ، وأبي عبيد  ،  وابن حزم  ، وابن المنذر  ، وداود  ، وجمهور أصحابه . 
وقالت طائفة : الرضاع المحرم ما كان قبل الفطام ، ولم يحدوه بزمن ، صح ذلك عن  أم سلمة  ،  وابن عباس  ، وروي عن علي  ، ولم يصح عنه ، وهو قول  الزهري  ، والحسن  ، وقتادة  ، وعكرمة  ،  والأوزاعي   . 
قال  الأوزاعي   : إن فطم وله عام واحد واستمر فطامه ، ثم رضع في الحولين  ، لم يحرم هذا الرضاع شيئا ، فإن تمادى رضاعه ولم يفطم ، فما كان في الحولين فإنه يحرم . وما كان بعدهما ، فإنه لا يحرم وإن تمادى الرضاع . 
وقالت طائفة : الرضاع المحرم ما كان في الصغر ، ولم يوقته هؤلاء بوقت ، وروي هذا عن  ابن عمر  ،  وابن المسيب  ، وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا  عائشة  رضي الله عنها . وقال  أبو حنيفة  وزفر   : ثلاثون شهرا ، وعن  أبي حنيفة  رواية أخرى ، كقول أبي يوسف  ومحمد   . 
وقال مالك  في المشهور من مذهبه : يحرم في الحولين ، وما قاربهما ، ولا حرمة له بعد ذلك . ثم روي عنه  [ ص: 514 ] اعتبار أيام يسيرة ، وروي عنه شهران . وروي شهر ، ونحوه . وروى عنه  الوليد بن مسلم  وغيره : أن ما كان بعد الحولين من رضاع بشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر ، فإنه عندي من الحولين ، وهذا هو المشهور عند كثير من أصحابه . 
والذي رواه عنه أصحاب الموطأ وكان يقرأ عليه إلى أن مات قوله فيه : وما كان من الرضاع بعد الحولين  كان قليله وكثيره لا يحرم شيئا ، إنما هو بمنزلة الطعام ، هذا لفظه . 
وقال : إذا فصل الصبي قبل الحولين ، واستغنى بالطعام عن الرضاع ، فما ارتضع بعد ذلك لم يكن للرضاع حرمة . 
وقال  الحسن بن صالح  ،  وابن أبي ذئب  ، وجماعة من أهل الكوفة   : مدة الرضاع المحرم  ثلاث سنين ، فما زاد عليها لم يحرم ، وقال  عمر بن عبد العزيز   : مدته إلى سبع سنين ، وكان  يزيد بن هارون  يحكيه عنه كالمتعجب من قوله . وروي عنه خلاف هذا ، وحكى عنه ربيعة  ، أن مدته حولان ، واثنا عشر يوما . 
				
						
						
