فصل وأما ردكم لحديث  أم سلمة  ، فتعسف بارد ، فلا يلزم انقطاع الحديث من أجل أن فاطمة بنت المنذر  لقيت  أم سلمة  صغيرة ، فقد يعقل الصغير جدا أشياء ، ويحفظها ، وقد عقل  محمود بن الربيع  المجة وهو ابن سبع سنين ، ويعقل أصغر منه . 
وقد قلتم : إن فاطمة  كانت وقت وفاة  أم سلمة  بنت إحدى عشرة سنة ، وهذا سن جيد ، لا سيما للمرأة ، فإنها تصلح فيه للزوج ، فمن هي في حد الزواج ، كيف يقال : إنها لا تعقل ما تسمع ، ولا تدري ما تحدث به ؟ هذا هو الباطل الذي  [ ص: 525 ] لا ترد به السنن ، مع أن  أم سلمة  كانت مصادقة لجدتها أسماء  ، وكانت دارهما واحدة ، فنشأت فاطمة  هذه في حجر جدتها أسماء  مع خالة أبيها  عائشة  رضي الله عنها  وأم سلمة  ، وماتت  عائشة  رضي الله عنها سنة سبع وخمسين . 
وقيل : سنة ثمان وخمسين ، وقد يمكن سماع فاطمة  منها ، وأما جدتها أسماء  ، فماتت سنة ثلاث وسبعين ، وفاطمة  إذ ذاك بنت خمس وعشرين سنة ، فلذلك كثر سماعها منها ، وقد أفتت  أم سلمة  بمثل الحديث الذي روته أسماء   . 
فقال أبو عبيد   : حدثنا أبو معاوية  ، عن  هشام بن عروة  ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب  ، عن  أم سلمة  ، أنها سئلت ما يحرم من الرضاع ؟ فقالت : ما كان في الثدي قبل الفطام . فروت الحديث ، وأفتت بموجبه . 
وأفتى به  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، كما رواه  الدارقطني  من حديث سفيان  عن  عبد الله بن دينار  ، عن  ابن عمر  قال : سمعت عمر  يقول : لا رضاع إلا في الحولين  في الصغر  . 
وأفتى به ابنه عبد الله  رضي الله عنه ، فقال مالك  رحمه الله ، عن نافع  ، عن  ابن عمر  رضي الله عنهما : أنه كان يقول : لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر ، ولا رضاعة لكبير   . 
وأفتى به  ابن عباس  رضي الله عنهما ، فقال أبو عبيد   : حدثنا عبد الرحمن  ، عن  سفيان الثوري  ، عن  عاصم الأحول  ، عن عكرمة  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما ، قال : لا رضاع بعد فطام   .  [ ص: 526 ] 
				
						
						
