ومما يبين ذلك أنه سبحانه قال وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف [ البقرة 231 ] وبلوغ الأجل هو الوصول والانتهاء إليه ، وبلوغ الأجل في هذه الآية مجاوزته ، وفي قوله فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف مقاربته ومشارفته ، ثم فيه قولان أحدهما : أنه حد من الزمان ، وهو الطعن في الحيضة الثالثة ، أو انقطاع الدم منها ، أو من الرابعة ، وعلى هذا فلا يكون مقدورا لها ، وقيل : بل هو فعلها ، وهو الاغتسال كما قاله جمهور الصحابة ، وهذا كما أنه بالاغتسال يحل للزوج وطؤها ويحل لها أن تمكنه من نفسها ، . فالاغتسال عندهم شرط في النكاح الذي هو العقد ، وفي النكاح الذي هو الوطء
وللناس في ذلك أربعة أقوال
أحدهما : أنه ليس شرطا لا في هذا ، ولا في هذا كما يقوله من يقول من أهل الظاهر .
والثاني : أنه شرط فيهما كما قاله أحمد وجمهور الصحابة كما تقدم حكايته عنهم .
والثالث : أنه شرط في نكاح الوطء لا في نكاح العقد كما قاله مالك ، . والشافعي
والرابع : أنه شرط فيهما ، أو ما يقوم مقامه ، وهو الحكم بالطهر بمضي وقت صلاة وانقطاعه لأكثره كما يقوله ، فإذا ارتجعها قبل غسلها كان غسلها لأجل وطئه لها ، وإلا كان لأجل حلها لغيره وبالاغتسال [ ص: 593 ] أبو حنيفة