فصل
ثم قدم حسيل بن نويرة ، وكان دليل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما وراءك ؟ " ، قال : تركت جمعا من يمن وغطفان وحيان ، وقد بعث إليهم عيينة ، إما أن تسيروا إلينا ، وإما أن نسير إليكم ، فأرسلوا إليه أن سر إلينا ، وهم يريدونك ، أو بعض أطرافك ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعمر ، فذكر لهما ذلك ، فقالا جميعا : ابعث بشير بن سعد ، فعقد له لواء ، وبعث معه ثلاثمائة [ ص: 322 ] رجل ، وأمرهم أن يسيروا الليل ، ويكمنوا النهار ، وخرج معهم حسيل دليلا ، فساروا الليل وكمنوا النهار ، حتى أتوا أسفل خيبر ، حتى دنوا من القوم فأغاروا على سرحهم ، وبلغ الخبر جمعهم ، فتفرقوا ، فخرج بشير في أصحابه حتى أتى محالهم ، فيجدها ليس بها أحد ، فرجع بالنعم ، فلما كانوا بسلاح ، لقوا عينا لعيينة ، فقتلوه ، ثم لقوا جمع عيينة وعيينة لا يشعر بهم ، فناوشوهم ، ثم انكشف جمع عيينة ، وتبعهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصابوا منهم رجلين ، فقدموا بهما على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلما فأرسلهما .
وقال الحارث بن عوف لعيينة وقد لقيه منهزما تعدو به فرسه : قف . قال : لا أقدر خلفي الطلب . فقال له الحارث : أما آن لك أن تبصر بعض ما أنت عليه ، وأن محمدا قد وطئ البلاد ، وأنت توضع في غير شيء ؟ قال الحارث : فأقمت من حين زالت الشمس إلى الليل وما أرى أحدا ، ولا طلبوه ، إلا الرعب الذي دخله .