فصل
ابن أبي حدرد الأسلمي في سرية وكان من قصته ما ذكر وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن رجلا من ابن إسحاق جشم بن معاوية يقال له : قيس بن رفاعة ، أو رفاعة بن قيس ، أقبل في عدد كثير حتى نزلوا بالغابة ، يريد أن يجمع قيسا على محاربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ذا اسم وشرف في جشم ، قال : فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلين من المسلمين ، فقال : "اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم " فقدم إلينا شارفا عجفاء ، فحمل عليها أحدنا فوالله ما قامت به ضعفا حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم حتى استقلت وما كادت ، وقال : "تبلغوا على هذه " فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف ، حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس ، فكمنت في ناحية ، وأمرت صاحبي ، فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم ، قلت لهما : إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في [ ص: 323 ] ناحية العسكر ، فكبرا وشدا معي ، فوالله إنا كذلك ننتظر أن نرى غرة أو نرى شيئا ، وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء ، وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد ، فأبطأ عليهم ، حتى تخوفوا عليه ، فقام صاحبهم رفاعة بن قيس ، فأخذ سيفه فجعله في عنقه ، وقال : والله لأتبعن أثر راعينا هذا ، والله لقد أصابه شر ، فقال نفر ممن معه : والله لا تذهب نحن نكفيك ، فقال : والله لا يذهب إلا أنا .
قالوا : فنحن معك ، وقال : والله لا يتبعني منكم أحد ، وخرج حتى يمر بي ، فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده ، فوالله ما تكلم ، فوثبت إليه فاحتززت رأسه ، ثم شددت في ناحية العسكر ، وكبرت ، وشد صاحباي فكبرا ، فوالله ما كان إلا النجاء ممن كان فيه :عندك عندك ، بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم ، وما خف معهم من أموالهم ، واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة ، فجئنا بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجئت برأسه أحمله معي ، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي ، فجمعت إلي أهلي ، وكنت قد تزوجت امرأة من قومي ، فأصدقتها مائتي درهم ، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستعينه على نكاحي ، فقال : والله ما عندي ما أعينك ، فلبثت أياما ثم ذكر هذه السرية .