فصل
واختلف في ، هل هو لكونها قضاء للعمرة التي صدوا عنها أو من المقاضاة ؟ على قولين تقدما ، قال تسمية هذه العمرة بعمرة القضاء : حدثني [ ص: 334 ] الواقدي عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ، قال : لم تكن هذه العمرة قضاء ، ولكن كان شرطا على المسلمين أن يعتمروا في الشهر الذي حاصرهم فيه المشركون . ابن عمر
واختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال :
أحدها : أن يلزمه الهدي والقضاء ، وهذا إحدى الروايات عن من أحصر عن العمرة أحمد ، بل أشهرها عنه .
والثاني : لا قضاء عليه ، وعليه الهدي ، وهو قول ، الشافعي ومالك في ظاهر مذهبه ، ورواية أبي طالب عن أحمد .
والثالث : يلزمه القضاء ، ولا هدي عليه ، وهو قول . أبي حنيفة
والرابع : لا قضاء عليه ، ولا هدي ، وهو إحدى الروايات عن أحمد .
فمن أوجب عليه القضاء والهدي ، احتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا الهدي حين صدوا عن البيت ، ثم قضوا من قابل ، قالوا : ، ولا يسقط الوجوب إلا بفعلها ونحر الهدي لأجل التحلل قبل تمامها ، وقالوا : وظاهر الآية يوجب الهدي ، لقوله تعالى : ( والعمرة تلزم بالشروع فيها فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) [ البقرة : 196 ] .
ومن لم يوجبهما قالوا : لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين أحصروا معه بالقضاء ، ولا أحدا منهم ، ولا وقف الحل على نحرهم الهدي بل أمرهم أن يحلقوا رءوسهم وأمر من كان معه هدي أن ينحر هديه .
ومن أوجب الهدي دون القضاء احتج بقوله : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) .
ومن أوجب القضاء دون الهدي ، احتج بأن العمرة تلزم بالشروع ، فإذا أحصر جاز له تأخيرها لعذر الإحصار ، فإذا زال الحصر ، أتى بها بالوجوب السابق ، ولا يوجب تخلل التحلل بين الإحرام بها أولا وبين فعلها في وقت الإمكان ، شيئا ، وظاهر القرآن يرد هذا القول ، ويوجب الهدي دون القضاء ؛ لأنه جعل الهدي هو جميع ما على المحصر ، فدل على أنه يكتفى به منه . والله أعلم .