فصل
في غزوة ذات السلاسل
وهي وراء وادي القرى ، بضم السين الأولى وفتحها ، لغتان ، وبينها وبين [ ص: 341 ] المدينة عشرة أيام ، وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان .
قال ابن سعد : بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف المدينة ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فعقد له لواء أبيض ، وجعل معه راية سوداء ، وبعثه في ثلاثمائة من سراة عمرو بن العاص المهاجرين والأنصار ، ومعهم ثلاثون فرسا ، وأمره أن يستعين بمن مر به من بلي ، وعذرة ، وبلقين ، فسار الليل ، وكمن النهار ، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا ، فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمده فبعث إليه في مائتين ، وعقد له لواء ، وبعث له سراة أبا عبيدة بن الجراح المهاجرين والأنصار ، وفيهم أبو بكر وعمر ، وأمره أن يلحق بعمرو ، وأن يكونا جميعا ولا يختلفا ، فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ، فقال عمرو : إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير ، فأطاعه أبو عبيدة فكان عمرو يصلي بالناس ، وسار حتى وطئ بلاد قضاعة ، فدوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم . ولقي في آخر ذلك جمعا ، فحمل عليهم المسلمون ، فهربوا في البلاد ، وتفرقوا ، وبعث بريدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بقفولهم وسلامتهم ، وما كان في غزاتهم . عوف بن مالك الأشجعي
وذكر نزولهم على ماء ابن إسحاق لجذام ، يقال له : السلسل ، قال : وبذلك سميت ذات السلاسل .
قال : حدثنا الإمام أحمد ، عن محمد بن أبي عدي داود عن عامر ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش ذات السلاسل ، فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين ، واستعمل على عمرو بن العاص الأعراب ، وقال لهما : " تطاوعا " ، قال : وكانوا أمروا أن يغيروا على بكر ، فانطلق عمرو وأغار على قضاعة ؛ لأن بكرا أخواله ، قال : فانطلق إلى المغيرة بن شعبة أبي عبيدة ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعملك علينا ، وإن ابن فلان قد اتبع أمر القوم فليس لك [ ص: 342 ] معه أمر ، فقال أبو عبيدة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نتطاوع ، فأنا أطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن عصاه عمرو .