فصل
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ) لا خلاف أن المراد من ذلك ما ينبت بنفسه دون ما أنبته الآدميون ، ولا يدخل اليابس في الحديث ، بل هو للرطب خاصة ، فإن الخلا بالقصر ولا يختلى خلاها ما دام رطبا ، فإذا يبس فهو حشيش ، وأخلت الأرض كثر خلاها ، واختلاء الخلى : قطعه ، ومنه الحديث ( كان الحشيش الرطب يختلي لفرسه ) أي يقطع لها الخلى ، ومنه سميت المخلاة ، وهي وعاء الخلى ، والإذخر مستثنى بالنص ، وفي تخصيصه بالاستثناء دليل على إرادة [ ص: 397 ] العموم فيما سواه . ابن عمر
فإن قيل : فهل يتناول الحديث الرعي أم لا ؟ قيل : هذا فيه قولان .
أحدهما : لا يتناوله فيجوز الرعي ، وهذا قول . الشافعي
والثاني : يتناوله بمعناه وإن لم يتناوله بلفظه ، فلا يجوز الرعي ، وهو مذهب ، والقولان لأصحاب أبي حنيفة أحمد .
قال المحرمون : وأي فرق بين اختلائه وتقديمه للدابة وبين إرسال الدابة عليه ترعاه ؟
قال المبيحون : لما كانت عادة الهدايا أن تدخل الحرم ، وتكثر فيه ، ولم ينقل قط أنها كانت تسد أفواهها ، دل على جواز الرعي .
قال المحرمون : الفرق بين أن يرسلها ترعى ويسلطها على ذلك ، وبين أن ترعى بطبعها من غير أن يسلطها صاحبها ، وهو لا يجب عليه أن يسد أفواهها ، كما لا يجب عليه أن يسد أنفه في الإحرام عن شم الطيب ، وإن لم يجز له أن يتعمد شمه ، وكذلك لا يجب عليه أن يمتنع من السير ؛ خشية أن يوطئ صيدا في طريقه ، وإن لم يجز له أن يقصد ذلك ، وكذلك نظائره .
فإن قيل : فهل يدخل في الحديث أخذ الكمأة والفقع ، وما كان مغيبا في الأرض ؟ قيل : لا يدخل فيه لأنه بمنزلة الثمرة ، وقد قال أحمد : يؤكل من شجر الحرم الضغابيس والعشرق .