فصل في قدوم وفد كندة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : حدثني ابن إسحاق ، قال : الزهري على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمانين أو ستين راكبا من الأشعث بن قيس كندة ، فدخلوا عليه - صلى الله عليه وسلم - مسجده قد [ ص: 540 ] رجلوا جممهم وتسلحوا ، ولبسوا جباب الحبرات مكففة بالحرير ، فلما دخلوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( أولم تسلموا ؟ " قالوا : بلى . قال : " فما بال هذا الحرير في أعناقكم ؟ ) ، فشقوه ونزعوه وألقوه ، ثم قال الأشعث : يا رسول الله ! نحن بنو آكل المرار ، وأنت ابن آكل المرار ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : ( ناسبوا بهذا النسب : ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب ) . قدم
قال الزهري وابن إسحاق : كانا تاجرين ، وكانا إذا سارا في أرض العرب ، فسئلا من أنتما ؟ قالا : نحن بنو آكل المرار ، يتعززون بذلك في العرب ، ويدفعون به عن أنفسهم ؛ لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكا . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا ) . نحن
وفي " المسند " من حديث ، عن حماد بن سلمة عقيل بن طلحة ، عن مسلم بن هيضم ، عن قال : الأشعث بن قيس كندة ، ولا يرون إلا أني أفضلهم ، قلت : يا رسول الله ! ألستم منا ؟ قال : ( لا ، نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا ) ، وكان قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد الأشعث يقول : ( لا أوتى برجل نفى رجلا من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد ) .
وفي هذا من الفقه أن من كان من ولد النضر بن كنانة ، فهو من قريش .
وفيه : جواز إتلاف المال المحرم استعماله ، كثياب الحرير على الرجال ، وأن ذلك ليس بإضاعة .
والمرار : هو شجر من شجر البوادي ، وآكل المرار : هو الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن كندة ، وللنبي - صلى الله عليه وسلم - جدة من كندة مذكورة ، وهي أم كلاب بن مرة ، وإياها أراد الأشعث .
[ ص: 541 ] وفيه : أن من ، فقد انتفى من أبيه ، وقفى أمه ، أي : رماها بالفجور . انتسب إلى غير أبيه
وفيها : أن كندة ليسوا من ولد النضر بن كنانة .
وفيه : أن من أخرج رجلا عن نسبه المعروف ، جلد حد القذف .