فصل في الأزد على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال قدوم وفد : ابن إسحاق وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبد الله الأزدي ، فأسلم وحسن إسلامه في وفد من الأزد ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن ، فخرج صرد يسير بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بجرش ، وهي يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل من قبائل اليمن ، وقد ضوت إليهم خثعم ، فدخلوها معهم حين سمعوا بمسير المسلمين إليهم ، فحاصروهم فيها قريبا من شهر ، وامتنعوا فيها ، فرجع [ ص: 543 ] عنهم قافلا ، حتى إذا كان في جبل لهم يقال له : شكر ، ظن أهل جرش أنه إنما ولى عنهم منهزما ، فخرجوا في طلبه حتى إذا أدركوه ، عطف عليهم فقاتلهم ، فقتلهم قتلا شديدا ، وقد كان أهل جرش بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين منهم يرتادان وينظران ، فبينا هما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية بعد العصر ، إذ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( بأي بلاد الله شكر ؟ " ، فقام الجرشيان ، فقالا : يا رسول الله ! ببلادنا جبل يقال له . كشر ، وكذلك تسميه أهل جرش ، فقال : " إنه ليس " بكشر ، ولكنه شكر " ، قالا : فما شأنه يا رسول الله ؟ قال : فقال : " إن بدن الله لتنحر عنده الآن " ، قال : فجلس الرجلان إلى أبي بكر ، وإلى عثمان ، فقالا لهما : ويحكما ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينعى لكما قومكما ، فقوما إليه ، فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما ، فقاما إليه فسألاه ذلك ، فقال : " اللهم ارفع عنهم " ، فخرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعين إلى قومهما ، فوجدا قومهما أصيبوا في اليوم الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال ، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر ، فخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا ، وحمى لهم حمى حول قريتهم .