[ ص: 573 ] فصل في قدوم بهراء
ذكر وفد عن الواقدي كريمة بنت المقداد قالت : سمعت أمي تقول : قدم وفد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بهراء من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم ثلاثة عشر رجلا ، فأقبلوا يقودون رواحلهم ، حتى انتهوا إلى باب المقداد ، ونحن في منازلنا ببني حديلة ، فخرج إليهم المقداد ، فرحب بهم فأنزلهم وجاءهم بجفنة من حيس ، قد كنا هيأناها قبل أن يحلوا لنجلس عليها ، فحملها المقداد ، وكان كريما على الطعام ، فأكلوا منها حتى نهلوا ، وردت إلينا القصعة وفيها أكل ، فجمعنا تلك الأكل في قصعة صغيرة ، ثم بعثنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سدرة مولاتي ، فوجدته في بيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أم سلمة ضباعة أرسلت بهذا ؟ قالت سدرة : نعم يا رسول الله ، قال : ضعي ، ثم قال : " ما فعل ضيف أبي معبد ؟ قلت : عندنا ، قالت : فأصاب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلا هو ومن معه في البيت حتى نهلوا ، وأكلت معهم سدرة ، ثم قال : اذهبي بما بقي إلى ضيفكم " ، قالت سدرة : فرجعت بما بقي في القصعة إلى مولاتي ، قالت : فأكل منها الضيف ما أقاموا ، نرددها عليهم ، وما تغيض حتى جعل القوم يقولون : يا أبا معبد ، إنك لتنهلنا من أحب الطعام إلينا ما كنا نقدر على مثل هذا إلا في الحين ، وقد ذكر لنا أن الطعام ببلادكم إنما هو العلقة أو نحوه ، ونحن عندك في الشبع . فأخبرهم أبو معبد بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أكل منها أكلا وردها ، فهذه بركة أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل القوم يقولون : نشهد أنه رسول الله ، وازدادوا يقينا . وذلك الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتعلموا الفرائض وأقاموا أياما ، ثم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعونه ، وأمر لهم بجوائزهم ، وانصرفوا إلى أهليهم )