بيان : الأعذار المرخصة في الغيبة
اعلم أنه إذا لم يمكن التوصل إلى غرض صحيح في الشرع إلا بذكر مساوئ الغير فإنه يرخص فيه ، ولا إثم ، وذلك في أمور :
منها : التظلم ، وذلك كمظلوم يرفع ظلامته على إنسان إلى أمير ليستوفي له حقه ، إذ لا يمكنه استيفاء حقه إلا بنسبته إلى الظلم ، قال - صلى الله عليه وسلم - : " " ، وعنه : " إن لصاحب الحق مقالا " . مطل الغني ظلم
ومنها : الاستعانة على تغيير المنكر ، ورد العاصي إلى منهج الصلاح .
ومنها : الاستفتاء ، كما يقول للمفتي : ظلمني أبي أو زوجتي أو أخي ، إذا لم يفد الإبهام أو [ ص: 201 ] التعريض ، وذلك لما هند بنت عتبة " أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن أبا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني ما يكفيني وولدي ، أفآخذ من غير علمه ؟ فقال : " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " فذكرت الشح والظلم لها ولولدها ، ولم يزجرها عليه السلام ؛ إذ كان قصدها الاستفتاء . روي عن "
ومنها : تحذير المسلم من الشر ، كما إذا علمت من إنسان ضررا فحذرت شخصا منه ، وكالمزكي يطعن في الشاهد إذا سئل عنه ، وكذلك المستشار في التزويج وإيداع الأمانة له أن يذكر ما يعرفه على قصد النصح للمستشير ، لا على قصد الوقيعة .
ومنها : أن يكون الإنسان معروفا بلقب يعرب عن عيبه ، كالأعرج والأعمش ، فلا حرج في ذكره ؛ لضرورة التعريف ، ولأن ذلك قد صار بحيث لا يكرهه صاحبه لو علمه بعد أن قد صار مشهورا به ، نعم إن وجد عنه معدلا وأمكنه التعريف بعبارة أخرى فهو أولى ؛ ولذلك يقال للأعمى : البصير ؛ عدولا عن اسم النقص .
ومنها : أن يكون مجاهرا بالفسق متظاهرا به ، ولا يكره أن يذكر به ، فلا غيبة له بما يتظاهر به .