الآفة السابعة عشرة : : كلام ذي الوجهين
وهو ذو اللسانين الذي يتردد بين المتعاديين ، ويكلم كل واحد منهما بكلام يوافقه من الثناء عليه في معاداته ، وذمه الآخر ، ووعده بأن ينصره على خصمه ، وهو من علامات النفاق . نعم إذا دخل على متعاديين وجامل كل واحد منهما ، وكان صادقا فيه - لم يكن ذا لسانين ولا منافقا ، فإن الإنسان قد يصادق متعاديين ، وأما لو نقل كلام كل واحد منهما إلى الآخر فهو ذو لسانين ، وهو شر من النمام ؛ لأن النمام ينقل من أحد الجانبين فقط ، وهذا يزيد النقل من الجانب الآخر ويزيد أن [ ص: 203 ] يحسن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه . نعم من ابتلي بمراعاة أحد الجانبين في قول ما لضرورة وخاف من تركه - فهو معذور ؛ فإن اتقاء الشر جائز ، قال " " رضي الله عنه : " إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم " . أبو الدرداء " : " استأذن رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ائذنوا له ، فبئس رجل العشيرة هو " . ثم لما دخل ألان له القول ، فلما خرج قلت : يا رسول الله ، قلت فيه ما قلت ثم ألنت له القول ، فقال : " يا عائشة ، إن شر الناس الذي يكرم اتقاء شره " عائشة ولكن هذا ورد في الإقبال وفي الكشر والتبسم ، وإلا فلا يجوز الثناء ، ولا التصديق ، ولا تحريك الرأس في معرض التقرير على كل كلام باطل ، فإن فعل فهو منافق ، بل ينبغي أن ينكر ، فإن لم يقدر فيسكت بلسانه وينكر بقلبه ، وللضرورات حكمها . وقالت "