[ ص: 57 ] صدقة التطوع وفضلها وآداب أخذها وإعطائها
: فضيلة الصدقة
من الأخبار قوله صلى الله عليه وسلم : " " وفي رواية : " تصدقوا ولو بتمرة " وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة " وقال صلى الله عليه وسلم : " كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس تطفئ غضب الرب عز وجل صدقة السر " ؟ قال : " أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفاقة ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان أي الصدقة أفضل " وقال صلى الله عليه وسلم : " وسئل صلى الله عليه وسلم لا يسألون الناس إلحافا ) [ البقرة : 273 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان ، إنما المسكين المتعفف ، إقرؤوا إن شئتم ( " . ما من مسلم يكسو مسلما إلا كان في حفظ الله عز وجل ما دامت عليه منه رقعة
ومن الآثار قول عروة : " لقد تصدقت - رضي الله عنها - بخمسين ألفا وأن درعها لمرقع . وكان عائشة عمر - رضي الله عنه - يقول : اللهم اجعل الفضل عند خيارنا لعلهم يعودون به على أولي الحاجة منا . وقال " ابن أبي الجعد " : " إن الصدقة لتدفع سبعمائة باب من السوء ، وفضل سرها على علانيتها بسبعين ضعفا " .
وجوب : فضل إخفاء الصدقة
قال الله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) [ البقرة : 271 ] وفي الإخفاء خمسة معان :
الأول : أنه أبقى للستر على الأخذ ، فإن أخذه ظاهرا هتك ستر المروءة وكشف عن [ ص: 58 ] الحاجة ، وخروج عن هيئة التعفف والتصون المحبوب الذي يحسب الجاهل أهله أغنياء من التعفف .
الثاني : أنه أسلم لقلوب الناس وألسنتهم فإنهم ربما يحسدون أو ينكرون عليه أخذه ويظنون أنه أخذ مع الاستغناء ; والحسد وسوء الظن والغيبة من الذنوب الكبائر وصيانتهم عن هذه الجرائم أولى . قال " " : " إني لأترك لبس الثوب الجديد خشية أن يحدث في جيراني حسد " . وقال آخر : " خشية أن يقول إخواني من أين له هذا " . أيوب السختياني
الثالث : إعانة المعطي على إسرار العمل فإن فضل السر على الجهر في الإعطاء أكثر والإعانة على إتمام المعروف معروف . دفع رجل إلى بعض العلماء شيئا ظاهرا فرده ودفع إليه شيئا آخر في السر فقبل ، فقيل له في ذلك ، فقال : " إن هذا عمل بالأدب في إخفاء معروفه فقبلته وذاك أساء أدبه في عمله فرددته عليه " . ورد بعضهم ما دفع إليه علانية وقال له : " إنك أشركت غير الله سبحانه فيما كان لله تعالى ولم تقنع بالله عز وجل فرددت عليك شركك " .
الرابع : أن في إظهار الأخذ ذلا وامتهانا وليس للمؤمن أن يذل نفسه .
الخامس : الاحتراز عن شبهة الشركة لحديث : " من أهدي له هدية وعنده قوم فهم شركاؤه فيها " والأعمال بالنيات فينبغي للمخلص أن يكون مراقبا لنفسه حتى لا يتدلى بحبل الغرور ولا ينخدع بمكر الشيطان .
نسأل الله الكريم حسن العون والتوفيق .