ثم أشار إلى القسم الثالث وهو بقوله ( ونوى فيها ) أي في إرادة الطلاق فإن نوى عدمه لم يلزمه ( و ) إذا نواه نوى ( في عدده ) فيلزم ما نواه من واحدة أو أكثر ( في ) قوله لها ( اذهبي وانصرفي أو لم أتزوجك أو قال له رجل ألك امرأة فقال لا أو أنت حرة أو معتقة أو الحقي ) بفتح الحاء من لحق ( بأهلك أو لست لي بامرأة إلا أن يعلق في ) هذا الفرع ( الأخير ) نحو إن دخلت الدار فلست لي بامرأة أو ما أنت لي بامرأة ففعلت لزمه الثلاث إن نوى به مطلق الطلاق أو لا نية له فإن نوى شيئا لزمه وإن نوى غير الطلاق صدق بيمين في القضاء وبغيرها في الفتوى هذا هو الذي رجح من أربعة أقوال ولكن ينبغي تقييد تصديقه بما إذا دل عليه بساط . الكناية الخفية
( وإن ) ( فلا شيء عليه إن كان عتابا وإلا ) بأن لم يكن عتابا بل قاله ابتداء أو في نظير ما يقتضي عدمه ( فبتات ) في المدخول بها وينوي في غيرها قاله بعضهم بلفظ ينبغي ( وهل تحرم ) على الزوج ولا تحل إلا بعد زوج ولا ينوي في المدخول بها ( ب ) ( قوله ) لها ( وجهي من وجهك حرام ) وينوي في غير المدخول بها في الفتوى والقضاء وهو الراجح بل حكى ( قال ) لزوجته ( لا نكاح بيني وبينك أو لا ملك لي عليك أو لا سبيل لي عليك ) عليه الاتفاق وقيل لا شيء عليه ( أو ) وجهي ( على وجهك ) حرام بتخفيف ياء على فهل تحرم عليه ولا تحل إلا بعد زوج وهو الراجح أو لا شيء عليه ( أو ) قال لها ( ما أعيش فيه حرام ) فهل تحرم ولا تحل إلا بعد زوج ( أو لا شيء عليه ) [ ص: 382 ] وهما في هذه مستويان واستظهر ابن رشد شيخنا الثاني ; لأن الزوجة ليست من العيش فلم تدخل في ذلك إلا بالنية وشبه في القول الثاني قوله ( كقوله لها يا حرام أو الحلال حرام ) ولم يقل علي ( أو ) قال ( حرام علي ) أو علي حرام بالتنكير ولم يقل أنت لا أفعل كذا وفعله ( أو ) قال ( جميع ما أملك حرام ) ولو قال علي ( ولم يرد إدخالها ) أي الزوجة في هذا الفرع بأن نوى إخراجها أو لا نية له فلا شيء عليه فيما بعد الكاف وقوله ( قولان ) راجع لما قبلها من الفروع الثلاثة ( وإن ) فإن ادعى أنه لم يقصد بشيء من هذه الألفاظ طلاقا ( حلف على نفيه ) ولا شيء عليه . ( قال ) لزوجته أنت ( سائبة مني أو عتيقة أو ليس بيني وبينك حلال ولا حرام )
( فإن نكل نوى في عدده ) وقبل منه نية ما دون الثلاث واستشكل تنويته في عدده مع أنه قد أنكر قصد الطلاق وسيأتي له قريبا ولا ينوى في العدد إن أنكر قصد الطلاق وأجيب بأن نكوله أثبت عليه إرادة الطلاق فكأنه بنكوله قال أردته وكذبت في قولي لم أرده ( وعوقب ) بما يراه الحاكم عقوبة موجعة ; لأنه لبس على نفسه وعلى المسلمين إذ لا يعلم ما أراد بهذه الألفاظ وسواء حلف أو نكل وكذا يعاقب في القسم السابق في قوله نوى فيه وفي عدده في اذهبي إلخ [ ص: 383 ] ( ولا ينوى في العدد إن أنكر قصد الطلاق ) بل يلزمه الثلاث ( بعد قوله أنت بائن أو خلية أو برية ) أو بتة ( جوابا لقولها أود لو فرج الله لي من صحبتك ) ونحوه فإن لم يكن جوابا وقد أنكر قصد الطلاق صدق إن تقدم بساط يدل على ما قال وإلا لزمه الثلاث مطلقا وأما إن لم ينكر قصده لزمه الثلاث في بتة دخل أو لم يدخل ولا ينوى وفي غيرها ينوى في غير المدخول بها فقط وسواء كان جوابا لقولها المذكور أم لا ( وإن قصده ) أي الطلاق ( بكاسقني الماء ) حقه اسقيني بالياء ; لأنه خطاب لمؤنث يبنى على حذف النون والياء فاعل وأصله اسقينني ( أو بكل كلام ) كادخلي وكلي واشربي ( لزمه ) ما قصد من الطلاق وعدده بخلاف قصده بفعل كضرب وقطع حبل ما لم يكن عادة قوم فيلزم ( لا إن قصد التلفظ بالطلاق فلفظ بهذا ) أي بقوله اسقني الماء ونحوه ( غلطا ) بأن سبقه لسانه فلا يلزمه شيء .
قال : من أراد مالك فلا يلزمه شيء أي لعدم وجود ركنه وهو اللفظ الصريح أو غيره مع نيته بل أراد إيقاعه بلفظه فوقع في الخارج غيره ( أو ) أن يقول أنت طالق فقال كلي أو اشربي فلا يلزمه ما زاد على الواحدة إذ لم يقصد بأنت طالق الثلاث وإنما قصد أن يتلفظ بالثلاث فلما أخذ في التلفظ بدا له عدم الثلاث فسكت عنها ( وسفه ) زوج ( قائل ) لزوجته ( يا أمي ويا أختي ) أو يا عمتي أو يا خالتي [ ص: 384 ] من المحارم أي نسب للسفه ولغو الحديث المسقط للشهادة وفي كراهته وحرمته قولان ( أراد أن ينجز الثلاث ) بقوله أنت طالق ثلاثا ( فقال أنت طالق وسكت ) عن اللفظ بالثلاث