في بقوله ( و ) عتق ( بالحكم جميعه ) أي العبد ( إن أعتق ) سيده الحر المكلف المسلم الرشيد ( جزءا ) من رقيقه القن أو المدبر أو المعتق لأجل أو أم ولد أو المكاتب [ ص: 370 ] ( والباقي له ) أي لسيده المعتق موسرا أو معسرا فيعتبر فيمن يعتق عليه بالسراية ما يعتبر فيمن يعتق عليه بالمثلة ، فإذا العتق بالسراية لم يكمل عليه وكذا المدين والزوجة والمريض في زائد الثلث ( كأن بقي لغيره ) أي لغير سيده المعتق للجزء بأن أعتق الذمي بعض عبده الذمي ، فإنه يقوم عليه باقيه ويعتق بشروط ستة . كان الرقيق مشتركا بين اثنين أو أكثر فأعتق أحد الشركاء نصيبه
أشار للأول بقوله ( إن دفع القيمة يومه ) أي يوم الحكم عليه بالعتق أي أنها تعتبر يوم الحكم لا يوم العتق والأظهر أنه لا يشترط الدفع بالفعل كما هو ظاهره وغيره فتعتق حصة الشريك بقيمتها يوم الحكم ، وإن لم يقبضها إلا بعد العتق كما قاله كابن الحاجب ابن مرزوق ولثانيها بقوله ( وإن كان ) السيد ( المعتق ) للجزء ( مسلما أو العبد ) مسلما ومعتقه كافر وشريكه كذلك نظرا لحق العبد المسلم ، فإن كان الجميع كفارا لم يقوم إلا أن يرضى الشريكان بحكمنا ولثالثها بقوله ( وإن أيسر ) المعتق ( بها ) أي بقيمة حصة شريكه ( أو ببعضها فمقابلها ) هو الذي يعتق فقط ولا يقوم عليه ما أعسر به ولو رضي الشريك باتباع ذمته ولرابعها بقوله ( وفضلت ) قيمة حصة الغير ( عن متروك المفلس ) وتقدم أنه يترك له قوته والنفقة الواجبة عليه لظن يسرته ويباع عليه الكسوة ذات المال إلى آخر ما تقدم وجعل هذا شرطا مستقلا فيه مسامحة إذ هو في الحقيقة تفسير لما قبله كأنه قال بأن فضلت إلخ ويدل على هذا أنه لم يقرنه بأن كما في الذي قبله والذي بعده ولخامسها بقوله ( وإن حصل عتقه باختياره لا ) جبرا كدخول جزء من يعتق عليه في ملكه ( بإرث ) ، فإنه لا يقوم عليه ولا يعتق جزء الشريك ولو مليئا ولسادسها بقوله ( وإن ابتدأ العتق ) لإفساد الرقبة بإحداث العتق فيها .
( لا إن ) فلا يقوم على من أعتق البعض الرق ; لأنه لم يبتدئ العتق كما لو كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحد الشركاء حصته وهو معسر فلم يقوم عليه ثم أعتق الثاني حصته فلا يقوم عليه حصة الثالث ولو كان الثاني مليئا وقد علمت أن الشروط في الحقيقة خمسة [ ص: 371 ] كما قاله ( كان ) العبد ( حر البعض ) قبل العتق التتائي والله أعلم ثم رتب على الشرط الأخير قوله ( و ) لو أعتق الأول فالثاني ( قوم ) نصيب الثالث ( على الأول ) ; لأنه الذي ابتدأ العتق إلا أن يرضى الثاني بالتقويم عليه فيقوم عليه ولو طلب الأول التقويم على نفسه ولا مقال له نص عليه المصنف .
( وإلا ) يكن العتق مرتبا بأن أعتقاه معا أو مرتبا وجهل الأول قوم نصيب الثالث عليهما وإذا قوم عليهما ( فعلى ) قدر ( حصصهما إن أيسرا ) معا ( وإلا فعلى الموسر ) منهما يقوم الجميع ( و ) لو ( عجل ) عتق العبد كله في الصورة الثانية وجزئه ويقوم عليه الباقي في الأولى قبل موته ( في ثلث مريض ) أعتق في مرضه ( أمن ) ذلك الثلث ، ويلزم منه كون جميع ماله مأمونا أي إن أعتق في حال مرضه شقصا له في عبد أو أعتق بعض عبد يملك جميعه أن يكون ماله مأمونا بأن كان عقارا ، فإن كان غير مأمون لم يعجل عتق الجزء الذي أعتقه بل يؤخر مع التقويم لموته ، فإن حمله الثلث عتق وإلا عتق منه محمله ورق باقيه فلو كان مأمونا ولم يحمل إلا بعضه عجل عتق ذلك البعض ويوقف الباقي ، فإن صح المريض أو مات وظهر له مال يحمله لزم عتق الباقي ( ولم يقوم على ميت ) أعتق في صحته أو مرضه شقصا له في عبد وباقيه لغيره ولم يطلع عليه فيهما إلا بعد موته إذا ( لم يوص ) الميت بالتقويم في ذلك العبد ; لأنه بموته انتقلت التركة للوارث فصار كمن أعتق وهو معسر والمعسر لا تقويم عليه فلو أوصى بالتقويم كمل عليه بالتقويم في الثلث فقط وأما لو اطلع عليه قبل الموت فهو ما قبله [ ص: 372 ] ( وقوم ) المعتق بعضه في جميع مسائل التقويم على الشريك المعتق في صحته أو مرضه ( كاملا بماله ) أي معه ; لأن في تقويم البعض ضررا على الشريك الذي لم يعتق . شرط تعجيل العتق قبل موته
والتقويم إنما هو ( بعد امتناع شريكه من العتق ) فيؤمر به أولا من غير جبر ( ونقض له ) أي للتقويم ( بيع ) صدر ( منه ) أي من الشريك الذي لم يعتق وكذا ممن بعده ولو تعددت البياعات سواء علم الشريك بالعتق أم لا إلا أن يعتقه المشتري ( و ) نقض ( تأجيل ) الشريك ( الثاني ) أي عتقه مؤجلا ( أو تدبيره ) أو كتابته ويقوم قنا في الثلاثة على المعتق الموسر بتلا ، ولو قوم نصيب المدبر على من أعتق بتلا ( و ) إذا اختار الشريك الذي لم يعتق عتق نصيبه أو التقويم على من أعتق ( لا ينتقل ) أي ليس له الانتقال ( بعد اختياره أحدهما ) بعينه لغيره ما لم يرض الآخر وسواء كان الذي خيره شريكه أو الحاكم أو اختار أحدهما من قبل نفسه ; لأنه إذا اختار التقويم فقد ترك حقه من العتق فليس له رجوع إليه إلا برضا صاحبه ، وإن اختار العتق ابتداء لم يكن له ، اختار التقويم ثانيا بلا خلاف . دبر أحد الشريكين أولا ثم أعتق الثاني بتلا
( وإذا حكم ) أي حكم الحاكم ( بمنعه ) أي منع التقويم على من أعتق ( لعسره مضى ) حكمه فلا يقوم عليه بعد ذلك إن أيسر وفي نسخة ببيعه أي ببيع ما بقي من العبد لعسر المعتق مضى البيع ولا ينقض الحكم إن أيسر ، وإن لم يبع بالفعل ويجوز بيعه والحكم بالبيع يستلزم منع التقويم فهو بمثابة الحكم بمنع التقويم فقد ساوت هذه النسخة النسخة الأولى [ ص: 373 ] ( كقبله ) أي الحكم أي كعسره قبل الحكم عليه بمنع التقويم ( ثم أيسر ) بعد ذلك أي بعد العسر ، فإنه لا يقوم عليه بشرطين أشار لأولهما بقوله ( إن كان ) المعتق لحصته ( بين ) أي ظاهر ( العسر ) عند الناس وعند الشريك الذي لم يعتق وقت العتق إذ العبرة بيوم العتق ولثانيهما بقوله ( وحضر العبد ) أي وكان العبد حاضرا حين العتق .
فإن لم يكن بين العسر قوم لاحتمال أن يكون هذا اليسر الذي ظهر هو الذي كان حين العتق إذ الفرض من أنه ظهر له يسر ، وإنما اشترط حضور العبد ; لأن بحضوره يعلم أن عدم التقويم إنما هو للعسر لا لتعذر التقويم إذ الحاضر لا يتعذر تقويمه بخلاف الغائب ، فإذا قدم والمعتق موسر قوم عليه وكأنه أعتقه الآن في حال يسره ومثل حضوره ما إذا كان غائبا غيبة قريبة يجوز النقد فيها قال ابن القاسم ، وإن كان العبد قريب الغيبة مما يجوز في مثله اشتراط النقد في بيعه لزم تقويمه إذا عرف موضعه وصفته وينتقد القيمة لجواز بيعه انتهى ، وحاصل المسألة أنه إذا لم يوجد بعسره ، فإن كان موسرا وقت العتق قوم عليه ، وإن كان معسرا واستمر إعساره لم يقوم عليه كما تقدم ، وإن أيسر بعد العتق لم يقوم عليه أيضا بشرطين أن يكون حين العتق بين العسر وأن يكون العبد حاضرا حقيقة أو حكما حين عتقه وإلا قوم عليه بعد حضوره .