( تنبيه ) ممن جزم بمقالة ابن الصلاح وابن رزين من المتأخرين ابن الملقن في شرحه الكبير ، والكمال الدميري ، ثم حكى عن الإسنوي تصحيح عدم الحنث ، ومن نقل عن الدميري أنهما قالا بعدم الحنث ، فقد غلط عليهما كما يعرف ذلك من راجع شرحيهما وله أدنى فهم . والأذرعي
( تنبيه ) أصل مسألة التي تختص بالاستقبال مضطرب فيه غاية الاضطراب ؛ توقف فيها الأئمة الجلة ، حتى قال الجهل والنسيان الصيمري : ما أفتيت في يمين الناسي قط ، وكذا قال أبو الفياض ، قال : لأن استعمال التوقي أحوط من فرطات الأقلام ، وممن توقف في الترجيح فيها والماوردي الرافعي في الشرح فإنه أرسل القولين ولم يرجح واحدا منهما ، وذكر النووي من زوائده أن الراجح عدم الحنث ، وصور في فتاويه المسألة بالاستقبال كما تقدم ، فحينئذ أصل هذه المسألة المبني عليها مضطرب فيه يتوقف فيه ، لا ترجيح فيه للرافعي في الشرح ، وإن رجح في المحرر ، وترجيح النووي فيه مقيد به كما أفصح به هو في فتاويه ، فلا يتعداه إلى غيره مع تصريحه هو والرافعي في عدة مسائل بما يقتضي الفرق بين المسألتين ، ومع تصريح خلائق من أئمة المذهب - منهم من هو في مرتبة الترجيح - بالفرق أيضا ، ثم رأيت في الخادم ما نصه : توقف الرافعي في الترجيح في مسألة الناسي وكذلك الموجود في غالب كتب الأصحاب إرسال القولين بلا ترجيح ، وتوقف في الإفتاء فيها القاضي أبو حامد وأبو الفياض البصري وأبو القاسم الصيمري وكذلك والماوردي ابن الرفعة في آخر عمره ، ورجحت طائفة الحنث ، منهم في كتاب الدلائل والأعلام ، واختاره أبو بكر الصيرفي ابن عبد السلام في القواعد ، وبه قال الأئمة الثلاثة ؛ لأن اللفظ لم يغلب في عرف الاستعمال على حال الذكر ، وقال [ ص: 244 ] غيره : إنه الأرجح دليلا ، وأنه قول أكثر العلماء وأنه أثبت في المذهب ، فإن الطلاق من خطاب الوضع ؛ لأنه نصب سببا للتحريم ، وخطاب الوضع لا يشترط فيه علم المكلف وشعوره ، ولهذا لو خاطب زوجته بالطلاق جاهلا بأنها زوجته وقع ، فكذلك الناسي ، وأما حديث " " ، فهو محمول على نفي الإثم والمؤاخذة ، ولا عموم فيه من حيث إن الكلام إنما يصح فيه تقدير مضمر ، ولا عموم في المقدرات على ما تقرر في الأصول ، وذكر نحو هذا الكلام الشيخ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان بهاء الدين السبكي في تكملة شرح المنهاج لأبيه ، وزيادات والده أيضا ، كان يتوقف في الفتوى بها ، وإنما نقلت هذا كله لأبين لك أن مسألة الاستقبال متوقف فيها غاية التوقف ، فمن مصحح للحنث وناسبه للأكثرين ، ومن متوقف ، حتى الرافعي ، فكيف يلحق بها مسألة المضي من غير نقل صريح فيها عن المتقدمين أو المصححين ، مع التصريح منهم بالحنث فيها من غير تصريح بخلافه ، هذا ما لا يكون أبدا .
( تنبيه ) : قيل : قد تعقب في المهمات الموضع الأول في الروضة بأن الرجوع إلى الشهادة فيه نزاع ، ومخالف للمذكور في الصلاة أنه لا يرجع إلى أخبار الغير بل إلى تذكره . قلنا : هذا لنا لا علينا ، فإنه إذا حكم بالحنث عند الإخبار المتنازع في قبوله ، فعند تذكره هو أولى ، ومعولنا على الانكشاف والتبيين بطريق معتبر مقبول .
( تنبيه ) : إن قيل : حديث عمر في حلفه أن ابن صياد هو الدجال ، يدل على عدم الحنث مطلقا ؛ لأنه ليس فيه ما يدل أنه قصد أن ظنه كذلك ، فيكون عاما . قلت : لا دلالة فيه ، فإن ابن صياد لم يتبين أمره ، ولا حنث مع الشك ، والأخبار في كونه هو الدجال أو غيره متعارضة ، وقد قال النووي في شرح : قال العلماء : قصة مسلم ابن صياد مشكلة وأمره مشتبه ، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه في أمره بشيء ، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال ، وكان في ابن صياد قرائن محتملة ، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقطع في أمره بشيء بل قال لعمر : " " . . . الحديث ، هذا كلام لا خير لك في قتله النووي .