[ ص: 351 ] الفتاوى القرآنية 
سورة الفاتحة 
بسم الله الرحمن الرحيم 
مسألة : وجد في بعض التفاسير في قوله في سورة الفاتحة    : افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة ; لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن ، ولذلك من أسمائها أم القرآن ، وأم الكتاب والأساس فصارت كالعنوان ، والمقصود بيان ذلك على وجه التفصيل والتبيين . 
الجواب : هذا الكلام قد تكلمت عليه في عدة من تصانيفي منها : الإتقان في علوم القرآن ، ومنها : الإكليل في استنباط التنزيل ، ومنها : قطف الأزهار في كشف الأسرار ، ومنها : حاشية  البيضاوي  ، وأنا ألخص ذلك هنا فأقول : قال العلماء : إنما افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة ; لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن فناسب الافتتاح بها ; لأنها تصير كبراعة الاستهلال وهي الإتيان أول الكلام بما يدل على المقصود على وجه الإجمال ، وكالعنوان ، والمراد بالعنوان نوع من أنواع البديع يسمى بذلك ، قال  ابن أبي الأصبع  في بدائع القرآن : العنوان أن يأخذ المتكلم في غرض فيأتي لقصد تكميله وتأكيده بأمثلة في ألفاظ تكون عنوانا لأخبار متقدمة وقصص سالفة ، ومنه نوع عظيم جدا وهو عنوان العلوم بأن يذكر في الكلام ألفاظ تكون مفاتيح العلوم ، ومداخل لها - هذا كلام  ابن أبي الأصبع  ، والفاتحة لكونها جامعة لجميع مقاصد القرآن ، وفيها الإشارة إلى جميع الأخبار المتقدمة من بدء الخلق والأمم السالفة من اليهود  والنصارى  وغيرهم ، وفيها الإشارة إلى مفاتيح العلوم ومداخلها من أصول الدين والفقه والتصوف ، وهذه العلوم الثلاثة هي أجل العلوم ، فإن الأول هو الذي يصح به الإيمان ، والثاني هو الذي تصح به الأعمال ، والثالث هو الذي تتم به محاسن الأخلاق ويصل إلى حضرة الخلاق   [ ص: 352 ] وما عدا هذه من العلوم كالوسيلة لها ، فلما جمعت الفاتحة هذه كانت جديرة بأن تكون عنوان القرآن بالتقرير الذي ذكره  ابن أبي الأصبع     . 
				
						
						
