54 -كشف الريب عن الجيب . 
بسم الله الرحمن الرحيم . 
مسألة : سأل سائل عن جيب قميص النبي صلى الله عليه وسلم    : هل كان على صدره كما هو المعتاد الآن في مصر  وغيرها ؟ أو على كتفه كما يفعله المغاربة ، ويسميها أهل مصر  فتحة حيدرية ، وذكر أن قائلا قال : إن هذا الثاني هو السنة ، وأن الأول شعار اليهود  ؟ . 
الجواب : لم أقف في كلام أحد من العلماء على أن الأول شعار اليهود  ، بل الظاهر أنه الذي كان عليه قميص النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي سنن  أبي داود     : ( باب في حل الأزرار ) ثم أخرج فيه من طريق  معاوية بن قرة  قال : حدثني أبي ، قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة  فبايعناه ، وإن قميصه لمطلق   " ، وفي رواية  البغوي  في معجم الصحابة لمطلق الأزرار   [ ص: 112 ] قال : " فبايعته ، ثم أدخلت يدي في جيب قميصه ، فمسست الخاتم   " ، قال  عروة     : فما رأيت  معاوية  ، ولا أباه قط إلا مطلقي أزرارهما في شتاء ولا حر ، ولا يزران أزرارهما أبدا ، فهذا يدل على أن جيب قميصه كان على صدره ، كما هو المعتاد الآن . 
وقول الفقهاء : لو رئيت عورة المصلي من جيبه في ركوع أو سجود لم يكف ، فليزرره أو يشد وسطه ، يدل على ذلك أيضا ; لأن العورة إنما ترى من الجيب في الركوع والسجود إذا كان على الصدر ، بخلاف الفتحة الحيدرية ، وقد ورد في ذلك حديث ، روى  الشافعي  في مسنده ،  وأحمد  والأربعة ،  وابن خزيمة  ،  وابن حبان  ،  والحاكم  عن  سلمة بن الأكوع  قال : قلت : " يا رسول الله ، إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد ؟ قال : نعم وازرره ولو بشوكة   " ، ثم رأيت النقل في المسألة صريحا ، ولله الحمد . 
قال  البخاري  في صحيحه : باب جيب القميص من عند الصدر وغيره ، وأورد فيه حديث الجبتين في مثل المتصدق والبخيل ، وفيه : ويقول بأصبعه هكذا في جيبه . 
قال الحافظ  ابن حجر  في شرحه : فالظاهر أنه كان لابسا قميصا ، وكان في طوقه فتحة إلى صدره ، قال : بل استدل به  ابن بطال  على أن الجيب في ثياب السلف  كان عند الصدر ، قال : وموضع الدلالة منه أن البخيل إذا أراد إخراج يده أمسكت في الموضع الذي ضاق عليها ، وهو الثدي والتراقي ، وذلك في الصدر ، فبان أن جيبه كان في صدره ; لأنه لو كان في غيره لم يضطر يداه إلى ثدييه وتراقيه ، قال الحافظ  ابن حجر  بعد إيراد كلام  ابن بطال     : وفي حديث  قرة بن إياس  الذي أخرجه  أبو داود  ،  والترمذي  وصححه ،  وابن حبان  لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فأدخلت يدي في جيب قميصه ، فمسست الخاتم   " ما يقتضي أن جيب قميصه كان في صدره ; لأن في أول الحديث أنه رآه مطلق القميص ، أي : غير مزرر . انتهى . 
وأخرج  الطبراني  عن  زيد بن أبي أوفى  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نظر إلى  عثمان بن عفان  ، فإذا أزراره محلولة ، فزرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، ثم قال : اجمع عطفي ردائك على نحرك   " هذا أيضا يدل على أن جيبه كان على صدره . وأخرج  ابن أبي حاتم  في تفسيره عن  سعيد بن جبير  في قوله تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن    ) يعني : على النحر والصدر فلا يرى منه شيء . 
وقال  ابن جرير  في تفسيره : حدثني  المثنى  ، ثنا  إسحاق بن الحجاج  ، ثنا  إسحاق بن إسماعيل  عن  سليمان بن أرقم  ، عن  الحسن  قال : رأيت  عثمان بن عفان  على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليه قميص [ قوهي ] محلول الزر   . 
				
						
						
