أهين لهم نفسي وأكرمها بهم ولا تكرم النفس التي لا تهينها
.حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثني أحمد بن محمد بن الحارث بن القتات المصري ، قال : سمعت الربيع بن سليمان يقول : كتب إلي : أن انصب نفسك للغرباء ، البويطي ; فإني كثيرا ما كنت أسمع وأحسن خلقك لأهل خاصتك يتمثل بهذا البيت : الشافعي
أهين لهم نفسي لكي يكرمونها ولن تكرم النفس التي لا تهينها
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا الربيع ، قال : كتب إلي , وهو في المطبق يسألني أن أصبر نفسي للغرباء ممن يسمع كتب أبو يعقوب البويطي ، ويسألني أن أحسن خلقي لأصحابنا الذين في الحلقة والاحتمال منهم ، ويقول : لم أزل أسمع الشافعي كثيرا يردد هذا البيت : الشافعي
ولن تكرم النفس التي لا تهينها أهين لهم نفسي لكي يكرمونها
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، أخبرني محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله ، قال : سمعت يقول : تزوج رجل امرأة له قديمة ، قال : وكانت جارية الجديدة تمر بباب القديمة ، فتقول : الشافعي
وما تستوي الرجلان رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان فشلت
وما يستوي الثوبان ثوب به البلا وثوب بأيدي البائعين جديد
حدثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : قال في [ ص: 149 ] حديث النبي صلى الله عليه وسلم : أنه " الشافعي نهى أن يستنجي بالروث والرمة " فقال : الرمة هي العظم . وروى هذا البيت :
أما عظامها فرم وأما لحمها فصليب
حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، قال : قال الربيع : سئل عن اللماس ، فقال : هو اللمس باليد ألا ترى الشافعي نهى عن الملامسة . والملامسة أن يلمس الثوب بيده ويشتريه ، ولا يقلب ، قال أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال الشاعر : الشافعي
لمست بكفي كفه طلب الغنى ولم أدر أن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه مما أفاد ذوو الغنى أفدت وأعداني فأتلفت ما عندي
حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا الحسين بن محمد بن غوث الدمشقي ، قال : سمعت المزني يقول : كلم في بعض ما يراد منه فأنشأ يقول : الشافعي
ولقد بلوتك وابتليت خليقتي ولقد كفاك معلما تعليمي
حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال حدث شعيب بن محمد الدبيلي ، قال : أنشدنا الربيع عن : الشافعي
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة وليتنا لا نرى مما نرى أحدا
إن الكلاب لتهدأ في مواطنها والناس ليس بهاد شرهم أبدا
تبقى سعيدا إذا ما كنت منفردا فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها
حدثنا أبو بكر أحمد بن القاسم البروجردي قال : أملى علينا الزبير بن عبد الواحد قال : حدثني أبو بكر محمد بن مطير بمصر ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت يقول : الشافعي
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة وليتنا لا نرى مما نرى أحدا
إن الكلاب لتهدأ في مواطنها والناس ليس بهاد شرهم أبدا
تبقى سعيدا إذا ما كنت منفردا فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها
حدثنا أحمد بن القاسم ، قال : أملى علينا الزبير بن عبد الواحد يقول : سمعت يقول : سمعت الحسن بن سفيان يقول : سمعت حرملة يقول : [ ص: 150 ] الشافعي
تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عبد الله السبئي ، ثنا هارون بن سعيد الأيلي ، قال : قيل لسفيان - وذكر حديثا - إن مالكا يخالفك في إسناد هذا الحديث فقال سفيان : مالكا ما أنا من مالك إلا كما قال الشاعر :
وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس
حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر ، ثنا أبو زرارة الحراني ، قال : سمعت الربيع بن سليمان يقول : كنت عند إذ جاءه رجل برقعة فقرأها ، ووقع فيها ، ومضى الرجل فتبعته إلى باب المسجد فقلت : والله لا تفوتني فتيا الشافعي فأخذت الرقعة من يده ، فوجدت فيها : الشافعي
سل العالم المكي هل من تزاور وضمة مشتاق الفؤاد جناح
فقلت معاذ الله أن يذهب التقى تلاصق أكباد بهن جراح
حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن سهل بن مهران ، قال : سمعت الربيع بن سليمان يقول : حضرت مجلس ، فجاءه غلام كأنه غصن بان فناوله رقعة فضحك الشافعي لما أجابه عنها ، وضحك الغلام كذلك لما تناول الرقعة فتعجبت منه فتبعته - يعني الغلام - فأقسمت عليه أن يرينيها ، فأرانيها فإذا سطران مكتوبان في السطر الأول : الشافعي
سل الفتى المكي هل من تزاور وقبلة مشتاق الفؤاد جناح
أقول معاذ الله أن يذهب التقى تلاصق أكباد بهن جراح
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثني محمد بن أحمد أبو بكر المالكي ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : قصيدة إلا ربما أنشدنيها من أولها إلى آخرها للشافعي . ما كنت أذكر
حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني خلف بن الفضل ، حدثني محمد بن صالح الترمذي ، قال : سمعت يقول : يحيى بن أكثم عالما بشعر الشافعي هذيل فذاكرت به بعض أهل الأدب كان بفارس فقال لي : قال : حفظت شعر الهذليين ورجلي على القتب . الشافعي
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن رمضان بن شاكر ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ، قال : كان الشافعي على راحلة فرفعت رجلا ووضعت يدا ورفعت أخرى ، فأعجبه مشيها فأنشأ يقول : عمر بن الخطاب
كأن راكبها غصن بمروحة إذا بدلت به أو شارب ثمل
حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا يوسف بن عبد الأحد ، قال : قلت للمزني معنى قول : يتروح الرجل ببيتين من الشعر ما هما ؟ فأنشدني : الشافعي
يريد المرء أن يعطى مناه ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما استفادا
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثني ابن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله ، أنبأنا ، قال : وقف الشافعي ابن الزبير في حرمه التي كانت ، وإذا ساقية معلقة فقال : يا صاحب الساقية ، [ ص: 152 ]
إن كنت ساقية يوما على كرم فاسق الفوارس من ذهل بن شيبانا
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن رمضان ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، قال : سمعت يقول : لما أنشدت الشافعي ضباعة بنت فلان القيسي :
ألم يحزنك أن جبال قيس وثعلب قد تباينت انقطاعا
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا عبد الله بن إسحاق بن معمر الجوهري ، أنبأنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت ، قال : لما طعن الشافعي رجلا من يزيد بن المهلب الخوارج ، فصرعه ، قال : فوثب الخارجي بالسيف أو بالرمح - الشك من محمد - وهو يقول :
وإنا لقوم ما تعود حينا إذا ما التقينا أن نحيد وننفرا
وننكر يوم الروع ألوان حينا من الطعن حتى يحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها صحاحا ولا مستنكرا أن نغفرا
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الحسن البغدادي ، قال : سمعت أبا علي بن الصغير ، بمصر يقول : سمعت المزني يقول : قدم بعض قدماته من الشافعي مكة فخرج إخوان له يتلقونه ، وإذا هو قد نزل منزلا ، وإلى جانبه رجل جالس ، وفي حجره عدد فلما فرغوا من السلام عليه قالوا له : يا أبا عبد الله ، أنت في مثل هذا المكان ؟ فأنشأ يقول :
تحملته حتى يقال سجية ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله
وأنزلني طول النوى دار عونة مجاورتي من ليس مثلي يشاكله
حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني أبو بكر السبائي ، قال : سمعت بعض مشايخنا يحكي أن عابه بعض الناس ; لفرط ميله إلى أهل البيت ، وشدة محبته لهم ، إلى أن نسبه إلى الرفض ، فأنشأ الشافعي في ذلك يقول : الشافعي
قف بالمحصب من منى فاهتف بها واهتف بقاعد خيفها والناهض
[ ص: 153 ] آل محمد فليشهد الثقلان أني رافض إن كان رفضا حب
أخبرنا عثمان بن محمد العثماني ، وحدثني عنه أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو علي النيسابوري ، ببغداد ، حدثني بعض أصحابنا أن ، لما دخل محمد بن إدريس الشافعي مصر أتاه جلة أصحاب مالك ، وأقبلوا عليه فابتدأ يخالف أصحاب مالك في مسائل ، فتنكروا له ، وحصروه ، فأنشأ يقول :
أأنثر درا وسط سارحة النعم أأنظم منثورا لراعية الغنم
لعمري لئن ضيعت في شر بلدة فلست مضيعا بينهم غرر الحكم
فإن فرج الله اللطيف بلطفه وصادفت أهلا للعلوم وللحكم
بثثت مفيدا واستفدت وداده وإلا فمكنون لدي ومنكتم
فمن منح الجهال علما أضاعه ومن منع المستوجبين فقد ظلم
حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو بكر بن معدان ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت يقول : الشافعي
أليس شديدا أن تحبـ ـب فلا يحبك من تحبه
ويصد عنك بوجهه وتلح أنت فلا تعبه
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثني جعفر بن أحمد بن يحيى الخولاني ، ثنا ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، وقد كتبت بهذا الشعر إلى رجل من الشافعي قيس في سبب ابن هرم حين اختلفوا :
أبوا أن يملونا ولو أن أمنا تلاقي الذي لاقوه منا لملت
جزى الله عنا جعفرا حين أبلغت بنا نعلنا في الواطئين فزلت
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، أخبرني محمد بن يحيى بن آدم ، قال : قرئ على محمد بن عبد الله ، وأنا أسمع ، قال : أخبرني بعض أهل العلم ، أن محمد بن إدريس الشافعي قال : ما وجدت لهذا الحي من أبا بكر الصديق الأنصار مثلا إلا ما قال الطفيل الغنوي :
[ ص: 154 ] أبوا أن يملونا ولو أن أمنا تلاقي الذي لاقوه منا لملت
هم خلطونا بالنفوس وبالجوى إلى حجرات آزفات أظلت
جزى الله عنا جعفرا حين أسرفت بنا نعلنا في الواطئين فزلت
حدثنا محمد بن عبد الرحمن قال : سمعت محمد بن بشر العكبري يقول : سمعت الربيع بن سليمان يقول : قال : الشافعي
على كل حال أنت بالفضل آخذ وما الفضل إلا للذي يتفضل
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، ثنا ، قال : سمعت حرملة يقول : الشافعي
وإذا خلوا فهم ذئاب خراف ودع الذين إذا أتوك تنسكوا
حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف ، ثنا أبو نصر المصري ، ثنا وفاء بن سهيل بن أبي سحرة الكندي ، ثنا ، قال : ذكروا أن محمد بن إدريس الشافعي معاوية بن أبي سفيان ، اعتمر ، فلما قضى عمرته وانصرف بالأبواء ، فاطلع في بئرها العادية ، فضربته اللقوة ، فاعتم بعمامة سوداء أسبلها على شقه ، ثم استوى جالسا فأذن للناس فدخلوا عليه فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن ابن آدم يعرض للبلاء ليؤجر ، ويعاقب بذنب ، أو يعتب ليعتب ، ولست مخلوا من واحدة من ثلاث ، فإن ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي ، وأرجو أن أكون منهم ، وإن عوفيت فقد عوفي الصالحون قبلي ، وما آمن أن أكون منهم ، وإن مرض عضو مني فما أحصي صحتي ، وما عوفيت منه أطول . أنا اليوم ابن ستين سنة فرحم الله عبدا دعا لي بالعافية ، فوالله لئن عتب علي بعض خاصتكم فإني لحدث على عامتكم . ثم بكى ، فارتفع الناس عنه ، فقال له : ما يبكيك يا أمير المؤمنين قال : وقفت والله عما كنت عليه عروفا ، وكثر الدمع في عيني ، وابتليت في أحبتي ، وما يبدو مني ، ولولا هواي في يزيد ابني لانصرف قصدي . فلما اشتد وجعه كتب إلى ابنه مروان بن الحكم يزيد : أدركني ، وسرج له البريد . قال : فخرج يزيد وهو يقول :
جاء البريد بقرطاس يحث به فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا لك الويل ماذا في صحيفتكم قالوا الخليفة أمسى مثقلا وجعا
[ ص: 155 ] فمادت الأرض أو كادت تميد بنا كأنما مضر أركانها انقلعا
ثم انبعثنا إلى خوص مزممة نرمي العجاج بها لا نأتلي سرعا
فما نبالي إذا بلغن أرجلنا ما يأت منهن بالمرماة أو طلعا
أودى ابن هند وأودى المجد يتبعه كانا جميعا خليطا حطتان معا
أغر أملح يستسقى الغمام به لو قارع الناس عن أحلامهم قرعا
لا يرقع الناس ما أوهى وإن جهدوا يوما لديه ولا يوهون ما رقعا
لو فات شيء يرى لفات أبو حيان لا عاجز ولا وكل
الحول القلب الأريب فما تنفع وقت المنية الحول