ومنهم أحمد بن الغمر المحفوظ من اللهو والزمر والمؤيد بالثبات والصبر .
[ ص: 132 ] حدثنا أبو بكر الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا عون بن إبراهيم بن الصلت قال : حدثني أحمد بن الغمر الحمصي قال : سمعت قال : قلت لراهب : محمد بن المبارك الصوري ؟ قال : إذا صفا الود فيه ، وخلصت المعاملة فيما بين العبد وبين الله ، قال : قلت : فمتى يصفو الود وتخلص المعاملة ؟ قال : إذ اجتمع الهم فصار في الطاعة . قلت : ومتى يجتمع الهم فيصير في الطاعة ؟ قال : إذا اجتمعت الهموم فصارت هما واحدا . قلت : يا راهب ، بم يستعان على قلة المطعم ؟ قال : بالتحري في المكسب والنظر في الكسوة . قلت : عظني وأوجز ، قال : كل من حلال وارقد حيث شئت . قال : قلت له : فأين متى يبلغ الرجل حقيقة الأنس بالله ؟ قال : في خلاف الهوى . قلت : فمتى يجد الرجل الراحة ؟ قال : عند أول قدم يضعها في الجنة ، قلت : طريق الراحة ؟ قال : بالسهر الدائم والظمأ في الهواجر . قلت : ما بماذا أقطع الطريق إلى الله ؟ قال : الخوف والشفقة . قلت : ما علامة العلم ؟ قال : الحرص والرغبة ، قلت : ما علامة الجهل ؟ قال : الهرب من مواطن الشبهة . قلت : فما الذي عقلك في هذه البيعة ؟ قال : بلغني أنه من مشى على الأرض عثر ، ففزعت فزعة الأكياس فتحصنت بمن في السماء من فتنة من في الأرض ، وذلك أنهم سراق العقول فخشيت أن يسرقوا عقلي ، قلت : فمن أين تأكل في هذه الصومعة ؟ قال : بذر أبذره من بذر اللطيف الخبير ثم قال : إن الذي خلق الرحا يجيء بالطحين ، قال : وأومأ بيده إلى ضرسه ثم قال : من رزق علامة الورع أفيد الراحة . قال حسن الظن بالله إبراهيم بن الجنيد : وأنشدني شيخ من طلبة العلم لبعضهم :
وما عاشق الدنيا بناج من الردى ولا خارج منها بغير غليل وكم ملك قد صغر الموت قدره
فأخرج من ظل عليه ظليل