المسألة الثالثة : قال - رضي الله عنه - : الشافعي جائز ، وقال نكاح الأخت في عدة الأخت البائن - رحمة الله عليه - : لا يجوز . حجة أبو حنيفة : أنه لم يوجد الجمع فوجب أن لا يحصل المنع ، إنما قلنا : إنه لم يوجد الجمع لأن نكاح المطلقة زائل ، بدليل أنه لا يجوز له وطؤها ، ولو وطئها يلزمه الحد ، وإنما قلنا : إنه لما لم يوجد الجمع وجب أن لا يحصل المنع ، لقوله تعالى بعد تقرير المحرمات : ( الشافعي وأحل لكم ما وراء ذلكم ) [ النساء : 24 ] ولا شبهة في انتفاء جميع تلك الموانع ، إلا كونه جمعا بين أختين ، فإذا ثبت بالدليل أن الجمع منتف وجب القول بالجواز .
فإن قيل : النكاح باق من بعض الوجوه بدليل وجوب العدة ولزوم النفقة عليها .
قلنا : النكاح له حقيقة واحدة ، والحقيقة الواحدة يمتنع كونها موجودة معدومة معا ، بل لو انقسمت هذه الحقيقة إلى نصفين حتى يكون أحدهما موجودا والآخر معدوما صح ذلك ، أما إذا كانت الحقيقة الواحدة غير قابلة للتنصيف كان هذا القول فاسدا ، وأما وجوب العدة ولزوم النفقة ، فاعلم أنه إن حصل النكاح حصلت القدرة على حبسها ، وهذا لا ينتج أنه حصلت القدرة على حبسها للنكاح ؛ لأن استثناء عين التالي لا ينتج ، فبالجملة : فإثبات حق الحبس بعد زوال النكاح بطريق آخر معقول في الجملة ، فأما القول ببقاء النكاح حال القول بعدمه ، فذلك مما لا يقبله العقل ، وتخريج أحكام الشرع على وفق العقول ، أولى من حملها على ما يعرف بطلانها في بداهة العقول ، والله أعلم .